للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منقسمٌ، وانقسامُ تلك العلوم مستحيل.

الثالث: أنَّ الصور [١٢٩ أ] العقلية الكلِّية مجرَّدة بلا شكّ، وتجرُّدُها إما أن يكون بسبب المأخوذ عنه، أو بسبب الآخذ. والأول باطل، لأن هذه الصورَ إنما أُخذت عن الأشخاص الموصوفة بالمقادير المختلفة والأوضاع المعيَّنة، فثبتَ أنَّ تجرُّدَها إنما هو بسبب الآخذ لها، وهو القوة العقلية المسمَّاة بالنفس.

الرابع: أنَّ القوة العاقلة تقوَى على أفعال غير متناهية، فإنها تقوى على إدراكات لا تتناهى. والقوةُ الجسمانيةُ لا تقوى على أفعال غير متناهية؛ لأن القوة الجسمانية تنقسم بانقسام محلِّها. فالذي يقوَى عليه بعضُها يجب أن يكون أقلَّ من الذي يقوى عليه كلُّها، فالذي يقوى عليه الكلُّ يزيد على الذي يقوى عليه البعضُ أضعافًا (١) متناهية، والزائدُ على المتناهي بمتناهٍ متناهٍ.

الخامس: أنَّ القوة العاقلة لو كانت حالَّةً في آلة جسمانية لوجب أن تكون القوةُ العاقلةُ دائمةَ الإدراك لتلك الآلة، أو ممتنعةَ الإدراك لها بالكلِّية. وكلاهما باطل، لأن إدراك (٢) القوة العاقلة لتلك الآلةِ إن كان عينَ وجودها فهو محال. وإن كان صورةً مساويةً (٣) لوجودها، وهي حالَّةٌ في القوة العقليةِ الحالّةِ في تلك الآلة، لزم اجتماعُ صورتين متماثلتين، وهو محال.


(١) في الأصل: «اصعا». وكذا في (ق، ب، ط) بالفاء، مع علامة «ظ» أو «كذا» فوقها. وكأن المصنف كتب في مسوَّدته نصف الكلمة سهوًا. وكتب ناسخ (ن) في موضعها: «فتكون». ووردت في (ز، ج) على الصواب.
(٢) في (ن، ز): «باطل وإدراك».
(٣) (ب، ط، ج): «متساوية».