للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا بطل هذا ثبتَ (١) أن القوة العاقلة لو أدركت آلتَها لكان إدراكُها عبارةً عن نفس حصول تلك الآلة عند القوة العاقلة. فيجب حصولُ الإدراك دائمًا، إن كفى هذا القدْرُ ضمن (٢) حصول الإدراك. وإن لم يكفِ امتنع حصولُ الإدراك في وقت من الأوقات، إذ لو حصل في وقتٍ دون وقت لكان بسببِ أمرٍ زائدٍ على مجرد حضور صورة الآلة (٣).

السادس: أن كل أحد يدرك (٤) نفسه، وإدراكُ الشيء عبارةٌ عن حضور ماهية المعلوم عند العالِم. فإذا علمنا [١٢٩ ب] أنفسَنا، فهو إما أن يكون لأجْلِ حضور ذواتنا لذواتنا، أو لأجل حضور صورةٍ مساويةٍ (٥) لذواتنا في ذواتها. والقسم الثاني باطلٌ، وإلا لزم اجتماع المثلَين. فثبت أنه لا معنى لعلمنا بذاتنا إلا حضورُ ذاتنا عند ذاتنا، وهذا إنما يكون إذا كانت ذاتًا (٦) قائمةً بالنفس غنيَّة عن المحلِّ؛ لأنها لو كانت حالّةً في محلٍّ كانت حاضرةً عند ذلك المحلِّ. فثبت أنَّ هذا المعنى إنما يحصل إذا كانت النفس قائمةً بنفسها، غنيَّةً عن محلٍّ تحُلُّ فيه.

السابع: ما احتجَّ به أبو البركات البغداديُّ (٧)، وأبطل ما سواه، فقال: لا


(١) في الأصل: «ثبت هذا بطل». ولعله سهو.
(٢) في (ج) والنسخ المطبوعة: «في». وفي النسخ الخطية الأخرى كلها: «فمن»، فقرأتها كما أثبت.
(٣) في (أ، ق): «الأدلة»، تحريف. وكلمة «صورة» قبلها ساقطة من (ق، ن).
(٤) (ب، ج): «مدرك».
(٥) (ب، ط، ج): «متساوية».
(٦) ما عدا (أ، ق): «ذاتنا».
(٧) لم أجده في كتابه «المعتبر». ولعل النقل من رسالته في النفس وقطعته التي وصلت إلينا ليس فيها هذا البحث.