للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جوابه: أن يقال: ما الذي تريدون بهذه الصورة العقلية الكلية؟ أتريدون به أن المعلومَ حصل في ذات العالِم، أو أنَّ العلمَ به حصل (١) في ذات العالم؟ فالأول ظاهر الإحالة، والثاني حقٌّ إلا أنه لا يفيدكم شيئًا؛ لأن الأمر الكلي المشترَك بين الأشخاص الإنسانية هو الإنسانية، لا العلمُ بها. والإنسانية لا وجودَ لها في الخارج كليةً. والموجود (٢) في الخارج المعيَّنات فقط، والعلمُ تابع للمعلوم، فكما أنَّ المعلوم معيَّن، فالعلم به معيَّن، لكنه صورة منطبقة على أفراد كثيرة، فليس في الذهن ولا في الخارج (٣) صورة غير منقسمة البتة. وكم قد غلط في هذا الموضع طوائفُ من العقلاء لا يحصيهم إلا الله تعالى.

فالصورة الكلِّية التي يثبتونها ويزعمون أنها حالَّة في النفس، فهي صورة شخصية موصوفة بعوارض شخصية. فهَبْ أنَّ هذه الصورة العقلية حالَّة في جوهر ليس بجسم ولا جسماني، فإنها غير مجرَّدة عن العوارض.

فإن قلتم: مرادنا بكونها مجردة: النظر إليها من حيث هي هي، مع قطع النظر [١٣٤ أ] عن تلك العوارض.

قيل لكم: فلمَ لا يجوز أن تكون الصورة الحالَّة في المحلِّ الجسماني منقسمةً؟ وإنما تكون مجرَّدةً إذا نظرنا إليها من حيث هي هي، بقطع النظر عن عوارضها.


(١) في الأصل: «العلم حصل به»، وكذا في (غ). وهو سهو.
(٢) ما عدا (ب، ط، ج): «الوجود»، ولكن اتفقت النسخ فيما بعد على «المعينات». وفي النسخ المطبوعة: «والوجود ... للمعينات».
(٣) «كلية ... الخارج» ساقط من الأصل لانتقال النظر.