للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعلوم في القوة العالمة، ثم بنوا على ذلك أن انقسام ما لا ينقسم في المنقسم محال.

وقولهم: محل العلوم الكلِّية لو كان جسمًا أو جسمانيًا لانقسمت (١) تلك العلوم؛ لأن الحالَّ في المنقسم منقسم. ولم يذكروا على صحة هذه المقدمة دليلاً ولا شبهة وإنما بأيديهم مجرَّدُ الدَّعوى، وليست بديهيةً حتى تستغني (٢) عن الدليل. وهي مبنية على أنَّ العلم بالشيء عبارة عن حصول صورةٍ مساوية لماهية المعلوم في نفس العالِم، وهذا من أبطل الباطل للوجوه التي تُذكر هناك.

وأيضًا فلو سلَّمنا لكم ذلك كان من أظهر الأدلَّة على بطلان قولكم، فإنَّ هذه الصورة إذا كانت حالَّةً في جوهر النفس الناطقة (٣) فهي صورة جزئية حالّة في نفس جزئيةٍ يقارنُها (٤) سائرُ الأعراض الحالَّة في تلك النفس الجزئية، فإذا اعتبرنا تلك الصورة مع جملة هذه اللواحق لم تكن صورة مجرَّدة، بل مقرونة بلواحق وعوارض، وذلك يمنع كلِّيتها.

فإن قلتم: المراد بكونها كليةً أنَّا إذا حذفنا عنها تلك اللواحقَ واعتبرناها من حيث هي هي كانت كليةً. قلنا لكم: فإذا جاز هذا، فلِمَ لا يجوز أن يقال: هذه الصورة حالّةٌ في مادة جسمانية (٥) مخصوصة، بمقدار معيَّن، وبكُلٍّ


(١) في الأصل: «لانقسم»، سهوًا.
(٢) (ن): «يُستغنى».
(٣) (ق، ز، غ): «الباطنة». ورسمها في الأصل محتمل.
(٤) (ب، ق، ن): «يقاربها»، تصحيف.
(٥) (ب، ط، ج): «جثمانية».