للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: وإنَّ هذه الأجسامَ (١) ممكنةٌ بذواتها، وذلك صفة عَرَضية لها خارجة عن ماهيتها، فإن لم تنقسم بانقسام محلِّها بطل الدليل. وإن انقسمت عاد المحذور المذكور من مساواة الجزء للكل أو التسلسل (٢).

قلت: وهذا أيضًا لا يلزم (٣)، لأن الإمكان ليس أمرًا يدلُّ (٤) على قبول الممكن للوجود والعدم. وذلك القبولُ من لوازم ذاته، ليس صفةً عارضة له؛ ولكن الذهنَ يجرِّد هذا القبولَ عن القابل، فيكون عُروضُه للماهية بتجريد الذهن. وأما قضية مساواة (٥) الجزء للكل، فلا امتناعَ في ذلك، كسائر الماهيات البسيطة، فإنَّ جزأها مساوٍ لكلِّها في الحدِّ والحقيقة، كالماء والتراب والهواء. وإنما الممتنعُ أن يتساوى الجزءُ والكلُّ في الكمِّ، لا في نفس الحقيقة.

والمعوَّل في إبطال هذه الشبهة على أن العلم ليس بصورة حالَّة في النفس، وإنما هو نسبة [١٣٣ ب] وإضافة بين العالم والمعلوم، كما نقول في الإبصار: إنه ليس بانطباعِ صورةٍ مساويةٍ (٦) للمبصَر في القوة الباصرة، وإنما هو نسبةٌ وإضافة بين القوة الباصرة والمبصَر.

وعامَّة شبههم التي أوردوها في هذا الفصل مبنية على انطباع صورة


(١) (ب، ط، ج): ولأن هذه الأقسام.
(٢) (ق، ب، ط، غ): «والتسلسل».
(٣) ما عدا الأصل و (غ): «لا يلزمهم».
(٤) (ب، ج): «زائدًا».
(٥) في الأصل: «مشاركة». وكذا في (ق، غ). وهو تحريف.
(٦) ما عدا (ب، ن، ج): متساوية.