اشدد به أزري، وأشركه في أمري.. فجملة (كي نسبحك) .. تعليلية.. أي سألتك هذا لكي أكون أكثر عوناً على طاعتك، والقرين الصالح الذي تعرف فيه الهمة والنشاط يعينك وتعينه بإذن الله جل جلاله، وتكونا ممن وصفهم الله في كتابه المبين في قوله تعالى:((وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)) [التوبة:٧١] ، فهذا من ولاية المؤمن لأخيه المؤمن.
المَعْلَمْ السابع: الوصية بالرفقة
لإخوانك في طلب العلم حق عليك عظيم، وواجب تجاههم جسيم، ينبغي إذا آخيت طالب العلم أن تشعره بالمحبة والمودة، ويتخلل الصحبة شيء من الوفاء ومن النقاء ومن الصفاء، بعيدة عن محقرات الأمور التي تكون فيها النفرة وتفريق القلوب، وكان طلاب العلم في القديم ترى بينهم التواضع والألفة.
كنت أجلس عند الوالد، ويجلس غيري عند غيره، فإذا كان قبل أذان العشاء بما يقرب ربع الساعة انتهى درس الوالد رحمه الله، فيأتيني هذا من حلقة ذاك وذاك، فنجلس، والله لا نشعر بيننا بفرقة، ولا يَنْتَقِصْ أحد منا شيخ الآخر، كل منا يسأل الآخر: ما الذي قال شيخك؟ حتى يستفيد منه وحتى يأخذ عنه، وتجد القلوب كالقلب الواحد، والنفوس متآلفة متراحمة متعاطفة.
والله وَصَفَ العوام من المؤمنين بأنهم متراحمون، وأنهم متعاطفون، فطلاب العلم أولى بالاتصاف بهذه الخصلة منهم. والجفاء والإعراض هذا ليس من خلق طلاب العلم.