للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجربنا طول النفس في الطلب، والإطالة في زمن الطلب فيها مزايا، منها: يخرج طالب العلم بمادة مكتملة وتصور واضح، ويتربى الطالب على الصبر وتحمل المشاق والمتاعب، وهي أدعى للإخلاص والضبط، وليس المهم أن تختم الكتاب على الشيخ، فالعبرة ليست بالكم وكثرة المشايخ، وإنما بالكيف والنتيجة والثمرة، وطالب العلم –والحمد لله- على خير وعبادة أثناء زمن الطلب يحتسب الأمر في التعب والنصب.

ففي الاستعجال جناية على العلم، ولا يمنع من هذا أن يوجد بعض الطلاب عنده ملكة في الفهم والحفظ، يمكن أن يحصل الكثير من العلم في وقت قليل.

المَعْلَمْ الرابع: مذاكرة العلم:

مما أضر كثيراً من طلاب العلم اليوم (١) [٨٣] ) أنهم لا يذاكرون، يأتي الشخص إلى مجلس العلم دون تحضير للدرس، فيفاجأ بأشياء، وتنهال عليه المعلومات، فلا يستطيع أن يضبط الدرس، لكن إذا كان عنده تحضير سابق مع مذاكرة ومناظرة لاحقة فإن هذا من أضبط ما يكون للعلم، وإذا انتهى من الدرس يرجع إلى البيت ويحاول يستذكر الشرح مرة ثانية، ولو كان معه طالب علم يتذاكر معه بحيث يكمل كل منهما النقص الذي ربما فات الآخر، لكان ذلك أضبط للعلم، والمذاكرة حياة العلم، كما قال بعض الفضلاء (٢)


(١) ٨٣] ) من دروس شرح كتاب التوحيد، للشيخ محمد –شريط رقم (١) - جواب السؤال الثاني في نهاية الدرس.
(٢) ٨٤] ) هو العلامة مجدد العلم في بلاد شنقيط سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم العلوي رحمه الله، (ت:١٢٣٣) . ترجم له كثيرون، منهم صاحب معجم المؤلفين في القطر الشنقيطي (ص:٣٦) فقال:
عالم واسع المعرفة، رحل أربعين سنة في طلب العلم، أخذ عن أجلة، منهم علاّمة النحو المختار بن بونة الجكني، والفقيه المغربي محمد البناني، وتخرج عليه عشرات العلماء، وترك مؤلفات كثيرة تمتاز بتحقيقات نفيسة، فأقبل عليها العلماء، منها مراقي السعود وشرحه نشر البنود، ونوازل في الفقه، وألفية في البلاغة مع شرحها نور الأقاح.
شارك في الجهاد ضد البرتغاليين أيام حملتهم على المغرب، وتوفي عام ١٢٣٠هـ. اهـ بتصرف.
ومن مراثية بعضهم له:
أحيا علوم الشرع حتى ظهرتْ
وأهلكَ البدعة حتى اندثرتْ
طوْدُ علوم ماله نظير
يزول وهو لم يزلْ ثبيرُ
قد كاد يوصف بالترجيح
لفهمه ونقله الصحيح
فهو الإمام الحجة العريفُ
له الفتاوى وله التصنيف
علم الحديث فيه لا يبارى
كأنما نشأ في بخارى
والبيت الذي استشهد به الشيخ من منظومته طلعة الأنوار، اختصر بها ألفية الحافظ العراقي في المصطلح في نحو ثلثها مع تحريرات دقيقة.

<<  <   >  >>