فالإنسان أي إنسان يحس بجوع روحي عارم، ولم تستطع فلسفة أو منهج بشري أن يسد هذا الجوع، أما الإسلام فقد أشبع هذه الروح وسد هذه الجوعة وهذه حقيقة أقر بها حتى غير المسلمين، تقول الباحثة فاجليري (إن الناس ليشعرون بالحاجة إلى الدين، ولكنهم في الوقت نفسه يريدون منه أن يكون ديناً يفي بحاجاتهم، قريباً من مشاعرهم، يقدم الأمن والراحة للحياة الدنيا كما يقدمها للآخرة، ويلبي الإسلام هذه الحاجات بدقة لأنه عقيدة وفلسفة للحياة، فهو يعلم التفكير الصحيح، والتصرف السليم، والكلام الأمين، ولذا يجد طريقه في غير صعوبة إلى كل من العقل والقلب الإنساني)(١) .
ولعل من أبرز الجوانب التي جاء الإسلام بالقول الفصل فيها، وقد تاهت البشرية فيها، ولا تزال تائهة ضالة جانب تصور الكون المشهود وما وراءه.
ذلك أن هذا الكون من حولنا ينطوي في تضاعيفه على أسرار كبيرة في بدئه ومصيره، والهدف من ورائه، والعقل البشري طلعة يقف أمام المجهول ليستبين منه ما استطاع غير قانع بالعالم المحس ومظاهره الواضحة، ولقد جاء الإسلام يحل هذه الألغاز فأعطى تصوراً عن الكون والحياة وخالقهما – يلبي فطرة الإنسان، ويجد فيه العقل ما يشبع نهمته -.
وقد توهم البعض أن العلم المادي الذي قفز قفزاته الكبيرة إبان نهضة الغرب المعاصرة، سيجهز على الدين تماماً، ذلك أنه سيحل ألغاز الكون كلها وسيكتشف مجهولاته جميعها، فعند ذاك ينطفئ ذلك الشوق العقلي إلى ما وراء المجهول، وبذا تزول غريزة التدين.