والمسؤول في ذلك أيضاً هو الكنيسة! لقد ظلت الكنيسة تصرف الناس عن العلم عدة قرون، وتوحي إليهم بالاكتفاء بما عندها هي من العلم، الذي لم يكن يتجاوز –كما قلنا – أن الله خلق الأشياء على صورتها لحكمة يعلمها ولغاية يريدها.. أي إرجاع الأمور كلها والظواهر كلها إلى إرادة الله ومشيئته. ومن شأن الدين أن يركز دائماً على هذا المعنى. انظر إلى بعض ما جاء في القرآن الكريم في هذا الشأن:(وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم. إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون)(وهو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات. إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون. وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر. والنجوم مسخرات بأمره. إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون. وما ذرأ لكم في الأرض مختلفاً ألوانه. إن في ذلك لآية لقوم يذكرون. وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحماً طرياً وتستخرجوا منه حلية تلبسونها. وترى الفلك مواخر فيه. ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون. وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم. وأنهاراً وسبلاً لعلكم تهتدون. وعلامات وبالنجم هم يهتدون. أفمن يخلق كمن لا يخلق؟ أفلا تذكرون. وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها. إن الله لغفور رحيم) .
وحكمة ذلك واضحة.. ((فالدين)) يذكر الإنسان دائماً بالله لكي يظل قلبه معلقاً بالله في جميع حالاته، فيحبه ويخشاه، ويتطلع إليه في كل أمر من أموره. وبهذا وحده تصلح نفس الإنسان وتستقيم.. ولأن الإنسان عرضة دائماً أن ينسى فإن الدين الصحيح يلح في تذكيره حتى لا تدركه الغفلة التي ينشأ عنها كل شر في حياة البشر على الأرض.