للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا سقط دليلك على تأخره فقد احتجَّ الحميدي على تقدُّمه ــ كما نقله الحازمي في الاعتبار ــ بأنَّ مذهب راويه أبي هريرة يدلُّ على تقدُّمه، ويقوِّيه ما عرفت من موافقة جمهور الصحابة له.

لعلك تقول: هذا هو الدليل الأول الذي لم أقنع به.

فنقول: لا حرج، هَبْ أنه لم يقم دليل على تقدّمه ولا تأخره؛ فإنه يُرجع حينئذٍ إلى الترجيح. ولا شكَّ أنَّ حديث عبادة وشواهده أرجح مع ما يعضده من النصوص العامة الثابتة في الصحيحين أو أحدهما.

فأما قول الشارح: (إنَّ علة النهي المنازعة، وهي تحصل بالفاتحة كما تحصل بغيرها)؛ فإن كان مقصوده تأكيد ما قاله من أنَّ لفظ «قرأ» مطلق، فالذي قدمناه من أنَّ المراد به قراءة غير الفاتحة أقوى وأوضح. مع أنَّ المنازعة كانت موجودة في حديث عبادة، وقد صرَّح فيه باستثناء الفاتحة.

وإن كان مقصوده أنه إن سلَّم أن لفظ «قرأ» عنى به قراءة غير الفاتحة؛ فتلحق الفاتحة بالنهي قياسًا؛ لأنَّ علة النهي المنازعة، وهي موجودة في قراءة الفاتحة. فالجواب: لا نسلَّم أن المنازعة هي علة النهي.

لِم لا تكون العلة هي الإخلال بالاستماع لغير موجب، وإنما ذكر المنازعة في الحديث لأنه استدلّ بها على أنَّ بعض من خلفه قرأ بغير الفاتحة.

أو يكون كل من المنازعة والإخلال المذكور جزء علَّة، والعلَّة مجموعهما.

ولو سلَّمنا أنَّ المنازعة هي العلَّة فنقول: قد أثبتنا أنَّ القراءة المنصوصة

<<  <   >  >>