للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«المشكاة» ــ أن المعنى أن جزاءه لا يتقيّد بعشرة أمثاله إلى سبعمائة، بل هو موكول إلى فضل الله عز وجل.

قال في «المشكاة» (١): وعنه (أبي هريرة) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «كل عمل ابن آدم يُضاعَف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله تعالى: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به».

وقد يُدفع بأحاديث أن صيام ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر، وحديث صوم رمضان وستة أيام من شوال صوم الدهر؛ فإنه مبنيّ على أن الحسنة بعشر أمثالها.

لكن يجاب بأن بناءه على الأقل لا يستلزم نفيَ الأكثر، يعني أن الباري سبحانه عز وجل قدّر جزاء الصدقة ــ مثلًا ــ بعشر أمثالها إلى سبعمائة، ووَكلَ الصيام إلى فضله، فكان معلومًا أنه لا يجوز أن يكون أقل من عشر، بل لا شك أنه أكثر. فبُني حديث صيام ثلاثة أيام على العشر لأنها محققة قطعًا، وأما ما زاد عنها، وإن كان محقّقًا أيضًا، لكنه دون تحقّق العشر. والله أعلم.

وقال ابن عيينة (٢): إن معنى الحديث أن الأعمال كلها يؤخذ منها جزاء المظالم يوم القيامة إلا الصوم فإنه لا يؤخذ منه، بل إذا فَنِيت أعمال الظالم في جزاء المظالم وبقيت عليه مظالم، فإن الله تبارك وتعالى يقضي الباقي من فضله ويترك له الصوم.


(١) «مشكاة المصابيح»: (١/ ٤٤٢).
(٢) أخرجه عنه البيهقي في «الكبرى» (٤/ ٢٧٤، ٣٠٥)، وفي «شعب الإيمان» (٣٣٠٩).

<<  <   >  >>