للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقولك: «أعطِ زيدًا الصالح» يفيد التعليل بخلاف قولك: «أعطِ زيدًا القاضي». ومع هذا فلو سلّم إيماء الحديث إلى العلة لكانت علَّةً لثبوت تلك المزيَّة لهم لا علّة للحب والبغض. وهذا واضح لا غبار عليه.

نعم، مزيّة أمير المؤمنين عليهم أنه لا يصدق النفاق لمبغضهم إلا إذا أبغضهم جميعًا. فأقيم أمير المؤمنين مُقامَ مجموعهم (١). والله أعلم.

لأن لفظ الأنصار قد صار كالعَلَم على مجموعهم فلا يُقال: إنه جمع محلّى بأل فيعم. والله أعلم (٢).

* * * *

[الجمع بين أحاديث ذم المبادرة بالشهادة وأحاديث الحث على ذلك]

في مسند أحمد (ج ١ ص ١٨) (٣) من حديث عمر: «استوصوا بأصحابي خيرًا، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يفشو الكذب، حتى إن الرجل ليبتدئ بالشهادة قبل أن يسألها».

أقول: في هذا دلالة أنّ ذمّ الابتداء بالشهادة إنّما أُريد به شهادة الزور؛ لأنّه هنا جعلها غاية لفُشُوِّ الكذب.

وإنّما كانت غاية لأن المتوقع من شاهد الزور أن لا يشهد حتى يسأله


(١) وذلك لِما أخرجه مسلم (٧٨) عن علي ــ عليه السلام ــ أنه قال: «والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي - صلى الله عليه وسلم - إليَّ أن لا يحبَّني إلا مؤمن ولا يبغضَني إلا منافق».
(٢) مجموع [٤٦٥٧].
(٣) برقم (١١٤) ط. الرسالة.

<<  <   >  >>