للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجمجمة أيضاً: البئر تكون محفورة في سباخ الأرض. فيجوز أن يكون اسم الدير من ذلك، أو أن يكون من الجماجم أي السادات، وعليه القوم، أو من الجماجم بمعنى القبائل، التي تكون نسبة البطون إليها. قال الكلبي: سمي الدير بدير الجماجم، لأن تميماً وذبيان لما واقعوا بني عامر وكثرت القتلى في تميم لانتصار العامرين عليهم، فبنوا بالجماجم هذا الدير. وقوله عندي بعيد، ولعله مكذوب على الكلبي. فإن هذا القول بعيد عنه، ويبعده أن وقعة العامريين بأعدائهم إنما كانت بنجد، وأين نجد من الكوفة؟ ولعل الصحيح في هذا ما ذكره البلاذري عن الكلبي حيث قال: إن بلال بن محرزٍ الإيادي قتل قوماً من الفرس، وجمع رؤوسهم في مكان قريب من الكوفة، فسمي الموضع بدير الجماجم.

وقرأت في (أنساب المواضع) للكلبي، أن كسرى قتل جمعاً من غياد، وطرد كثيرين منهم بعيداً عن بلاده، فنزلت أعداد منهم بالسواد من العراق، فعلم بهم كسرى فأنفذ إليهم ألفاً من أساورته ليقتلوهم، وذهب رجل من إياد فأخبر كسرى بخبر القوم، وأوهمه بأنه يشيء بهم إليه، لكنه أعلم قومه بحقيقة الأمر، فأقبلوا، وأوقعوا بالأساورة وأفنوهم عن آخرهم، وجعلوا جماجمهم في قبة، فعلم كسرى، وخرج حتى بلغ المكان، فاغتم، وأمر ببناء دير سمي دير الجماجم.

وفي دير الجماجم كانت وقعة الحجاج بعبد الرحمن بن الأشعث، وكان القتل قد فشا في القراء الذين ناصروه في حربه. قال جرير يذكر هذه الوقعة ويعير الفرزدق:

كأنك لم تشهد لقيطاً ومالكاً ... وعمرو بن عمرو، إذ دعوا: يال دارم

ولم تشهد الجونينِ والشعبَ ذا الصفا ... وشداتِ قيسٍ يومَ ديرِ الجماجمِ

وللجونان: معاوية وحسان ابنا الجون الكندي، أسرا يوم دير الجماجم.

وقيل: قتل حسان بن الجون، وفودي أخوه معاوية.

٦٧ دير الجمزة: بالجيم المضمومة والميم الساكنة، ثم الزاي المعجمة المفتوحة، وهاء. دير سمعت به، ولم أعرف موضعه.

٦٨ [دير الجودي: بضم الجيم، وتسكين الواو، وبآخره ياء مشددة، وقد تخفف على قراءة الأعمش، بتخفيف الياء] .

والجُود: هو الجبل الذي رست عليه سفينة نوح عليه السلام بعد الطوفان، وقد فصلت ذلك في المعجم.

وبين الجودي وجزيرة ابن عمر سبعة فراسخ. ودير الجودي بني منذ القديم على قمة الجبل، ويقال: إنه بني منذ عهد نوح عليه السلام، ومازال كهيئته الأولى حتى هذا الوقت.

ويقال: إن من عجائب هذا الدير أن سطحه يشبر، فيكون عشرين شبراً فإن شبر ثانية كان ثمانية عشر شبراً فإذا شبر ثالثه كان اثنين وعشرين شبراً، فهو يختلف في الشبر بين مرة وأخرى، والله أعلم.

آخر القسم الأول قسيمنا، يليه القسم الثاني وأوله: ٦٩دير حافر: ٦٩ دير حافر: بالحاء المهملة والألف والفاء المكسورة، وبآخره راء مهملة.

وحافر: قرية بين حلب وبالس، وإليها أضيف هذا الدير. وذكر الراعي القرية في قوله:

تخطّيتْ إلينا ركنَ هيفٍ وحافرٍ ... طروقاً، وأنّى منك هيفٌ وحافرٌ

وذكر القيسراني الدير في قوله:

ألاَ كمْ ترامتْ بالسٌ بمسافرٍ ... وكم حافرٍ أدميتَ يا ديرَ حافرِ

٧٠ دير الحانات: جمع حانةٍ وحانوت، وهو موضع بيع الحانية، وهي الخمر.

وهذا الدير بقرب دير الجاثليق، من نواحي مسكن وعنده توافى الجمعان جمع مصعب بعسكره من جند العراق، وجمع عبد الملك بجند الشام، فتفرق عن مصعب ابن الزبير جنده وخذلوه، فقتل عند دير الجاثليق على ما قدمت.

٧١ دير حبيب: لا أعرف موضعه، إلا أنني سمعت به في شعر الجعدي، قال:

سلَ الريحَ إنْ هبّتْ شمالاً ضعيفةً ... متى عهدها بالدَّيرِ، ديرِ حبيبِ

٧٢ دير الحبيس: من نواحي بغداد، ذكر في شعر لأبي محمد يحيى بن محمد الأرزني، يقول فيه:

ليتني والمنى قديماً سفاهٌ ... وضلالٌ وحبرةٌ وغناءُ

كنتُ صادفتُ منك يوماً بعمّا ... وبديرِ الحبيسِ كان اللقاءُ

فتوافيك ضرّةُ الشمسِ تختا ... لُ، كأنّ العيانَ منها هباءُ

لذَّ منها طعمٌ، وطابَ نسيمٌ ... فلها الفخرُ كلّهُ والنساءُ

٧٣ دير حرجة: بالثلاث فتحات. الحرجة في الأصل موضع كثير الشجر، لا تبلغه السائمة. والحرج: الضيق، وحرج الصدر: ضيقه، ومنه قوله تعالى: (فلا يكن في صدرك جرحٌ منه) ، أي ضيق.

<<  <   >  >>