قدْ أدرنا بديرْ وقدَّس? ... ?نا مجوناً، وقدستْ رهبانه
وسقانا فيه المدامة ظبيٌ ... بابليٌّ، ألحاظهُ أعوانهُ
مال منهُ عليَّ غصن البا ... ن، يضاهي تفّاحهُ رمّانه
وأجاد ابن شبل النحوي في قصيدة قالها فيه، نذكرها هنا استحساناً لها وهي:
بنا إلى الدَّيرِ من درتا صبابات ... فلا تلمني، فما تغنى الملاماتُ
يا حبذا السحرُ الأعلى وقد نشرتْ ... نسيمهُ الرَّطبَ روضاتٌ وجنّات
وأظهر الصبحُ راياتٍ له زرقاً ... وفرَّ منه من الظلماءِ راياتُ
لا تبعدنَّ، وإن طال الغرامُ بها ... أيّام لهوٍ عهدناها وليلاتُ
فكم قضيت لبانات الشبابِ بها ... غنماً، وكم بقيتْ عندي لباناتُ
ما أمكنتْ دولةُ الأفراحِ مقبلةً ... فأنعمْ ولذَّ، فإنَّ العمرَ تاراتُ
قبل ارتجاعِ الليالي كلَّ عاريةٍ ... فإنّما لذّةُ الدنيا إعاراتُ
قمْ فأجلُ في حللِ الألاءِ شمسَ ضحى ... بروجها الزُّهر كاساتٌ وطاساتُ
لعلنّا إنْ دعا داعي الحمامِ بنا ... نمضي، وأنفسنا منها روياتُ
فما التعلّلُ دونَ الكاسِ في زمنٍ ... أصحابه من كروبِ الدهرِ أمواتُ
جاءتْ تحيَّي، فقابلنا تحيتها ... وفي حشاها لطبيبِ المزجِ روعاتُ
عذراءُ يخفي مرور الدهرِ صورتها ... لم يبقَ من روحها إلا حشاشاتُ
مدّتْ سرادقُ برقٍ من أبارقها ... على مقابلها منها ملاءاتُ
فلاحَ في أدرعَ الساقينَ أسورةٌ ... تبرٌ، وفوقَ نحورِ الشّربِ حاناتُ
وقد وقّع الدهرُ سطراً في صحيفتها ... لا فارقتْ شاربَ الراحِ المسرَّاتُ
خذْ ما تعجّلَ، واتركْ ما وعدتَ به ... فعلَ الأريبِ، ففي التأخيرِ آفاتُ
٩٦ دير در مالس: قال الشابشي: هذا الدير في رقة باب الشماسية ببغداد، قرب الدار المعزية. وهو نزه كثير البساتين، بديع في أحسن موقع، بقربه أجمة قصب وهو كبير، آهل بالرهبان والقسان، والعباد المتبتلين فيه، ومشهور معمور بالقصف والتنزه والشرب.
قال: وأعياد النصارى ببغداد مقسومة ببغداد مقسومة على ديارات معروفة، منها: أعياد الصوم: في الأحد الأول في دير العاصية.
والأحد الثاني في دير الزريقية.
والأحد الثالث في دير الزندورد والأحد الرابع في دير مالس، هذا، وعيده من أحسن الأعياد، يجتمع إليه نصارى ببغداد، ويقيمون فيه الأيام ويطرقونه في غير الأعياد.
٩٨ دير دينار: ناحية بجزيرة أقور ولا أدري أين موقعه منها قال ابن مقبل يذكره:
يا صاحبّيَّ، انظراني، لا عدمنكما ... هل تؤنساني بذي ريمانَ من نارِ.
نارُ الأحبّة شطّتْ بعدَ ما اقتربتْ ... هيهاتَ أهلُ الصّفا من ديرِ دينارِ
٩٩ دير الراهب: بالشام، لعله منسوب إلى الراهب بحيري.
قال الحميري يذكره:
فسروا، فالقرى من سهرياجٍ ... فديرَ الرّاهبِ الطّلل القفارا
١٠٠ دير الرصافة: هذا الدير في غرب الفرات، في رصافة هشام بن عبد الملك التي بينها وبين الرقة مرحلة للحمالين ورأيت أنا هذا الدير، وهو من عجائب الدنياً حسناً وعمارة وأظن أن هشاماً بنى عنده مدينه، وأنه قبلها، وفيه رهبان كثيرون، وقلاليه كثيرة، وهي في وسط البلد.
ذكر صاحب كتاب الديرة، أنه بدمشق، وأرى أنه غلط، لأن بين الرصافة، دمشق ثمانية أيام.
وقد ذكر أبو نواس هذا الدير وقد اجتاز به فقال:
ليسَ كالدّيرِ بالرصافة ديرٌ ... فيه ما تشتهي النفوسُ وتهوى
بتّهُ ليلةً فقضيتُ أوطا ... راً، ويماً ملأتُ قطريهِ لهوا
قال أبو عبد الله: اجتاز الخليفة المتوكل. هذا الدير، وهو في منطلقه إلى دمشق، فوجد رقعة ملصقة في أعلى حائط من حيطانه، وقد كتب فيها هذه الأبيات:
أيا منزلاً بالدَّيرِ أصبح خالياً ... تلاعبُ فيهِ شمألٌ ودبورُ
كأنّك لم تسكنكَ بيضٌ أوانسٌ ... ولم تتبخر في فنائكَ حورُ
وأبناءُ أملاكٍ عباشمُ سادةٌ ... صغيرهمُ عند الأنامِ كبيرُ
إذا لبسوا أدراعهمْ فعنابسٌ ... وإنْ لبسوا تيجانهمْ فبدورُ
على أنّهمْ يومَ اللقاءِ ضراغمٌ ... وأنّهم يومَ النوالِ بحورُ