أطب وأقلل فإن أطبت وأكثرت نصيبي فيا له شرفا
* * * واستهدى من أبى عبد الله محمد بن سليمان بن فهد غروسا من الزهر لبستان بشعر يقول فيه:
قد تعرى بستاننا فاكس عار ... يه بنور يكسوه حلة نور
نحن في كأبة به فاجلب الله ... وغلينا بجالبات السرور
بغصون إذا تمايلن في الري ... ح عطفن القدود عطف الخصور
ما تبدت إلا حكت ظفر العا ... شق في غفلة الرقيب الغيور
وعرفنا في عرفها طيب أنفا ... سك ذات الذكاء والتعطير
فهي تهدي إلى النفوس مع الأن ... فاس مسكا فتقته بعبير
من نسيم تظل تحمله الري ... ح غلينا باكورة في الحجور
الخلوقى كالخلوق وكافور ... ريها في الذكاء كالكافور
مثل رقم الحرير أصفر في أح ... مر من فوق أخضر كالحرير
طاب في ظلها مراضعة الخم ... ر وتنفيس وعكة المخمور
قد بعثت المنظوم نحوكم مد ... حا فجودوا على بالمنثور
* * * وأهدى بعض إخوان أبى على البصير غليه مرفقة قرمز من مرفقتين أهديتا إليه, فقال أبو على يستهدى الأخرى:
مرفقة أعطيها فردة ... رمت لها أختا فلم يتفق
يقول من أبصرها عندنا ... موضوعة: ما هي إلا سرق
قالت ... وقد صدرت بيتي بها
مقال موتور مغيظ حنق
واستنكرت ما هو مستنكر ... من ضيعة القرمز بين الخرق
وذكرت أختا لها عندكم ... كانت وإياها معا في نسق:
تعسا لمن فرق ما بيننا ... ولم يكن في الحق أن نفترق
فوجه إليه بالمرفقة الأخرى.
* * * وحدثنا الأسباطي قال: استهدى المريمي من أبى الجيش خمارويه ابن أحمد بن طولون خمية بقصيدة طويلة يقول فيها:
وقد عرضت إليك حويجة لي ... مصغرة وموقعها جليل
مقدرة من الخيم اللواتي ... بها لطف وليس بها خمول
حواليها السيول ولا عليها ... إذا أفضت على الخيم السيول
ثناء يستهيل القطر فيه ... ولا يعفو كما تعفو الطلول
إذا حلت من الأطناب خرب ... كما خر النزيف أو القتيل
* * * قال أبو بكر المراغي الوراق: حدثنا اللبادي الشاعر أنه خرج من بعض مدن أذربيجان يريد أخرى وتحته مهر له رائع, وكانت السنة مجدبة, فضمه الطريق وغلاما حدثا على حمار له, قال: فحادثته فرأيته أديبا, راوية للشعر, خفيف الروح, حاضر الجواب, جيد الحجة, فسرنا بقية يومنا, وأمسينا أن يكون عنده شيء, فرفقت به على أن جاءني برغيفين, فأخذت واحدا, ودفعت إلى ذلك الغلام الآخر. وكان غمى على المهر أن يبيت بغير علف أعظم من غمى على نفسي. فسألت صاحب الخان عن الشعير فقال: ما أقدر منه على حبة واحدة. فقلت: فاطلب. وجعلت له جعيلة على ذلك.
فمضى وجاءني بعد طويل, فقال: قد وجدت مكوكين عند رجل حلف بالطلاق أنه لا نقصهما من مائة درهم. فقلت: ما بعد الطلاق كلام. ودفعت إليه خمسين درهما, فجاءني بمكوك, فعلقته على دابتي.
وجعلت أحادث الفتى, وحماره واقف بغير علف, فأطرق مليا, ثم قال: أتسمع -أيدك الله- أبياتا حضرت الساعة؟ قلت: هاتها, فأنشدني:
يا سيدي شعري نفاية شعركا ... فلذاك نظمى لا يقوم بنثركا
وقد انبسطت إليك في إنشادما ... هو بالحقيقة قطرة من بحركا
آنستني وسررتني وبررتني ... وجعلت أمري من مقدم أمركا
وأريد أذكر حاجة إن تقضها ... أك عبد مدحك ما حييت وشكركا
أنا في ضيافتك العشية هاهنا ... فاجعل حماري في ضيافة مهركا
فضحكت, واعتذرت غليه من إغفالي أمر حماره, وابتعت المكوك الآخر بخمسين درهما, ودفعته إليه.
* * * حدثنا الصولي عن أبى العيناء قال: كتب الحسين بن الضحاك إلى أحمد يوسف الكاتب, ليلة الميلاد, يستهديه شمعا:
سجاياك في طيب أعراقها ... تباهى النجوم بإشراقها
وما للعفاة غياث سوا ... ك كانك ضامن أرزاقها
وليلة ميلاد عيسى المس ... يح قد طالبتني بميثاقها
فهذى قدوري على نارها ... وفاكهتي ملء أطباقها
وبنت الدنان فقد أبرزت ... من الخدر تجلى لعشاقها
وقد قامت السوق بالمسمعا ... ت وبالمطربات على ساقها