الْمِصْبَاح الَّذِي كَانَ يوضع على حرف الدَّار. وَكَانَ عمر بن عبد الْعَزِيز يَأْمر النَّاس لَيْلَة هِلَال الْمحرم يوقدون النَّار فِي فجاج مَكَّة ويضعون المصابيح للمعتمرين مَخَافَة السرق. قَالَ الْأَزْرَقِيّ: فَلم يزل مِصْبَاح زَمْزَم على عَمُود طَوِيل مُقَابل الرُّكْن الْأسود الَّذِي وَضعه خَالِد بن عبد الله الْقَسرِي، فَلَمَّا كَانَ مُحَمَّد بن سُلَيْمَان على مَكَّة فِي خلَافَة الْمَأْمُون فِي سنة سِتّ عشرَة وَمِائَتَيْنِ وضع عموداً طَويلا مُقَابِله بحذاء الرُّكْن الغربي، فَلَمَّا ولي مَكَّة مُحَمَّد بن دَاوُد دعل عمودين طويلين أَحدهمَا بحذاء الرُّكْن الْيَمَانِيّ وَالْآخر بحذاء الرُّكْن الشَّامي، فَلَمَّا ولي هَارُون الواثق بِاللَّه أَمر بعمد من شبه طوال عشرَة فَجعلت حول المطاف؛ ليستصبح عَلَيْهَا لأهل الطّواف، وَأمر بثمان ثريات كبار يستصبح فِيهَا وَتعلق فِي الْمَسْجِد الْحَرَام فِي كل وَجه اثْنَتَانِ. قَالَ الْأَزْرَقِيّ: وَأول من استصبح بَين الصَّفَا والمروة خَالِد بن عبد الله الْقَسرِي فِي خلَافَة سُلَيْمَان بن عبد الْملك، وَكَانَ حول الطّواف عشرَة أعمدة من صفر يستصبح بهَا على أهل الطّواف بعث بهَا الواثق العباسي. انْتهى كَلَامه. وَأما عَددهَا الْيَوْم فاثنان وَثَلَاثُونَ اسطوانة ثَمَانِيَة عشر مِنْهَا آجر مجصص، وَأَرْبَعَة عشر مِنْهَا حِجَارَة منحوتة دقيقة، وَبَين كل وَاحِدَة من الأساطين خَشَبَة ممدودة راكبة عَلَيْهَا وعَلى الَّتِي بإزائها لأجل الْقَنَادِيل الَّتِي تعلق فِيهَا للاستصباح، وَكَانَ فِي مَوضِع هَذِه الأساطين قبل ذَلِك أخشاب على صفة الأساطين، وَسبب عَملهَا هُوَ الاستضاءة بالقناديل على الطَّائِفَتَيْنِ حول الْكَعْبَة. قَالَ عز الدّين بن جمَاعَة: والأساطين الَّتِي حول المطاف الشريف أحدثت للاستضاءة بالقناديل الَّتِي تعلق بَينهَا بعد الْعشْرين وَسَبْعمائة، وَكَانَت من خشب وَخمسين وَسَبْعمائة فألتمتها ثمَّ جددت فِيهَا. انْتهى.