على الْجَنَائِز فِيهِ. قَالَ الْحَافِظ محب الدّين: وَالسّنة فِي الْجَنَائِز بَاقِيَة إِلَى يَوْمنَا هَذَا إِلَّا فِي حق العلويين والأمراء وَغَيرهم من الْأَعْيَان، وَالْبَاقُونَ يصلى عَلَيْهِم خلف الْحَائِط الشَّرْقِي، إِذا وقف الإِمَام على الْجِنَازَة كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على يَمِينه. وَقَالَ عفيف الدّين الْمرْجَانِي: وَكَذَلِكَ الْأَمر بَاقٍ إِلَى هَذَا التَّارِيخ، والوليد بن عبد الْملك هُوَ الَّذِي بنى مَسْجِد مَكَّة وَمَسْجِد الْمَدِينَة وَمَسْجِد دمشق وَالْمَسْجِد الْأَقْصَى وقبة الصَّخْرَة، وَأنْفق على مَسْجِد دمشق أحد عشر ألف ألف مِثْقَال ونيفاً، وَقيل: أنْفق عَلَيْهِ خراج الدُّنْيَا ثَلَاث دفعات، وَهُوَ أول من نقل إِلَى مَكَّة أساطين الرخام مُدَّة خِلَافَته عشر سِنِين وَتِسْعَة أشهر، وَتُوفِّي بدير مَرْوَان وَحمل إِلَى دمشق فَدفن فِي مَقْبرَة الفراديس، وَكَانَ مَسْجِد دمشق للصابئين، ثمَّ صَار لليونانيين، ثمَّ صَار للْيَهُود، وَفِي ذَلِك الزَّمَان قتل يحيى بن زَكَرِيَّا وَنصب رَأسه على بَاب حيرون، وَعَلِيهِ نصب رَأس الْحُسَيْن، ثمَّ غلبت عَلَيْهِ النَّصَارَى ثمَّ غلبت عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ.
ذكر زِيَادَة الْمهْدي
وَذَلِكَ أَنه لما ولي الْخلَافَة آخر ذِي الْحجَّة من سنة ثَمَان وَخمسين وَمِائَة شرع فِي بِنَاء الْمَسْجِد الْحَرَام وَمَسْجِد الْمَدِينَة المشرفة على مَا هما عَلَيْهِ الْيَوْم، وَبنى بَيت الْمُقَدّس وَقد كَانَ هدمته الزلازل، وَحج فِي سنة سِتِّينَ وَمِائَة، وَاسْتعْمل فِي هَذِه السّنة على الْمَدِينَة جَعْفَر بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن عبد الله بن عَبَّاس وَأمره بِالزِّيَادَةِ فِي الْمَسْجِد النَّبَوِيّ، وولاه بناءه هُوَ وَعَاصِم بن عمر بن عبد الْعَزِيز، وَعبد الْملك بن شبيب الغساني فزادوا فِي الْمَسْجِد من جِهَة الشَّام إِلَى منتهاه الْيَوْم، فَكَانَت زِيَادَته مائَة ذِرَاع، وَلم يزدْ فِيهِ من الشرق والغرب شَيْئا، ثمَّ سد على آل عمر خوختهم الَّتِي فِي دَار حَفْصَة، فَكثر كَلَامهم، فَصَالحهُمْ على أَن يخْفض الْمَقْصُورَة ذراعين، وَزَاد فِي الْمَسْجِد لتِلْك الخوخة ثَلَاث دَرَجَات، وحفر الخوخة حَتَّى صَارَت تَحت الْمَقْصُورَة وَجعل عَلَيْهَا فِي جِدَار الْقبْلَة شباك حَدِيد فَهُوَ عَلَيْهَا الْيَوْم، وَكَانَ الَّذِي دخل فِي الْمَسْجِد من الدّور؛ دَار عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَدَار شُرَحْبِيل، وَبَقِيَّة دَار عبد الله بن مَسْعُود، وَدَار الْمسور بن مخرمَة، وَفرغ من بُنْيَانه سنة خمس وَسِتِّينَ