التغطية والستر وَمِنْه الْمَغْفِرَة، وَقد حرم التنخم فِي الْمَسْجِد إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَقَالَ: بنجاستها وَتفرد بِهَذَا القَوْل وَلم يتبع فِيهِ، بل كفارتها سترهَا. وَعَن أبي الْوَلِيد قَالَ: سَأَلت ابْن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنْهُمَا عَن الْحَصْبَاء الَّتِي كَانَت فِي الْمَسْجِد فَقَالَ: إِنَّا مُطِرْنَا ذَات لَيْلَة فَأَصْبَحت الأَرْض مبتلة، فَجعل الرجل يَجِيء بالحصباء فِي ثَوْبه فيبسطه تَحْتَهُ، فَلَمَّا قضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلَاته قَالَ: مَا أجر هَذَا؟ . وَعَن مُحَمَّد بن سعد أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ ألْقى الْحَصْبَاء فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ النَّاس إِذا رفعوا رؤوسهم من السُّجُود يَنْفضونَ أَيْديهم من أَيْديهم فجيء بالحصباء من العقيق من هَذِه الْعَرَصَة فبسطت فِي الْمَسْجِد. قَالَ الشَّيْخ جمال الدّين: وَرمل مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحمل من وَادي العقيق من الْعَرَصَة الَّتِي تسيل من الجما الشمالية إِلَى الْوَادي فَيحمل مِنْهُ، وَلَيْسَ بالوادي رمل أَحْمَر غير مَا يسيل من الجما، والجماوات أَرْبَعَة وَهُوَ رمل أَحْمَر يغربل ثمَّ يبسط فِي الْمَسْجِد.
ذكر زِيَادَة عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ
فِي صَحِيح البُخَارِيّ كَانَ عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ ولى الْخلَافَة سنة أَربع وَعشْرين، فَلَمَّا بلغت خِلَافَته أَربع سِنِين كَلمه النَّاس فِي الزِّيَادَة وَشَكوا إِلَيْهِ ضيق الْمَسْجِد يَوْم الْجُمُعَة، فَشَاور عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ أهل الرَّأْي من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك وَزَاد فِي الْمَسْجِد زِيَادَة كَثِيرَة وبنة جِدَاره بِالْحِجَارَةِ المنقوشة والقصة، وَجعل عمده من حِجَارَة منقوشة حشوها أعمدة الْحَدِيد والرصاص، وسقفه بالساج، وباشر ذَلِك بِنَفسِهِ، وَكَانَ عمله فِي أول ربيع الآخر سنة تسع وَعشْرين، وَفرغ مِنْهُ حِين دخلت السّنة لهِلَال الْمحرم سنة ثَلَاثِينَ، وَكَانَ عمله عشرَة أشهر، وَزَاد فِي الْقبْلَة إِلَى مَوضِع الْجِدَار الْيَوْم، وَزَاد فِيهِ من الْمغرب إسطواناً بعد المربعة، وَزَاد فِيهِ من الشَّام خمسين ذِرَاعا، وَلم يزدْ من الشرق شَيْئا، وَقدر زيد بن ثَابت أساطينه فَجَعلهَا على قدر النّخل، وَجعل فِيهَا طبقين مِمَّا يَلِي الْمشرق وَالْمغْرب، وَبنى الْمَقْصُورَة بِلَبن وَجعل فِيهَا كوَّة ينظر النَّاس فِيهَا إِلَى الْأَمَام، وَجعل طول الْمَسْجِد الشريف سِتِّينَ وَمِائَة ذِرَاع، وَعرضه خمسين وَمِائَة ذِرَاع، وَجعل أبوابه سِتَّة على مَا كَانَ على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بَاب عَاتِكَة، وَالْبَاب الَّذِي يَلِيهِ، وَبَاب مَرْوَان، وَبَاب