للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَمرَّة يتبسم فِي وَجه الْمُسلم وَمرَّة لَا ينظر إِلَى أحد، وَأكْثر قعوده ثَانِيًا إِحْدَى رجلَيْهِ نصف تربيعة وركبته الْأُخْرَى قَائِمَة، وَمن جَانِبه الْأَيْمن مِمَّا يَلِي الرَّوْضَة شخص آخر، وَمن جَانِبه الآخر الْأَيْسَر الْبكْرِيّ شخصان آخرَانِ، قَالَ الراءي: فعدمت الْخُشُوع فِي ذَلِك الْمحل الشريف بِسَبَب رؤيتي لَهما وشغل خاطري بهما. قَالَ الْمرْجَانِي: إِشَارَة أَيْضا إِلَى إِثْبَات الْوَقار وَالْحُرْمَة المحركة لخواطر الِاعْتِبَار، سَمِعت وَالِدي رَحمَه الله يَقُول: صلينَا يَوْمًا الظّهْر بحرم الْمَدِينَة، وَأَقْبل طَائِر عَظِيم أَبيض طَوِيل السَّاقَيْن أَتَى من جِهَة بَاب السَّلَام، وَهُوَ يطير مَعَ جِدَار الْقبْلَة، وَقد مَلأ جناحاه مَا بَين الْحَائِط القبلي والسواري، فَلَمَّا حَاذَى الْمِحْرَاب وقف وَمَشى قَلِيلا قَلِيلا إِلَى أَن وصل إِلَى الشباك موقف الْمُسلمين على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَاسْتقْبل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ووقف، وَجعل يضع منقاره على الأَرْض وَيَرْفَعهُ مرَارًا إِلَى أَن فرغ النَّاس من صلَاتهم، واجتمعوا عَلَيْهِ ينظرونه ثمَّ مَشى حَتَّى خرج إِلَى صحن الْمَسْجِد إِلَى نَحْو الْحِجَارَة الَّتِي يذكر أَنَّهَا حد الْمَسْجِد الْقَدِيم، ثمَّ فتح أجنحته وطار مرتفعاً فِي الجو غير مائل يَمِينا وَلَا شمالاً حَتَّى غَابَ عَن أَعيننَا.

كَيْفيَّة السَّلَام عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَال الزِّيَارَة وَالسَّلَام على ضجيعيه رَضِي الله عَنْهُمَا

: ليقل بخضوع قلب وغض طرف وخفض صَوت وَسُكُون جوارح: السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول الله، السَّلَام عَلَيْك يَا نَبِي الله، وَالسَّلَام عَلَيْك يَا خيرة الله من خلقه، السَّلَام عَلَيْك يَا حبيب الله، السَّلَام عَلَيْك يَا صفوة الله، السَّلَام عَلَيْك يَا سيد الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ، السَّلَام عَلَيْك يَا خَاتم النَّبِيين، السَّلَام عَلَيْك يَا خير الْخَلَائق أَجْمَعِينَ، السَّلَام عَلَيْك يَا قَائِد الغر المحجلين، السَّلَام عَلَيْك وعَلى أهل بَيْتك الطاهرين، السَّلَام عَلَيْك وعَلى أَزوَاجك الطاهرات أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ، السَّلَام عَلَيْك وعَلى أَصْحَابك وآلك أَجْمَعِينَ، السَّلَام عَلَيْك وعَلى سَائِر الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ وَسَائِر عباد الله الصَّالِحين، السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته، جَزَاك الله عَنَّا يَا رَسُول الله أفضل مَا جزى نَبيا ورسولاً عَن أمته، صلى الله عَلَيْك كلما ذكرك الذاكرون، وغفل عَن ذكرك الغافلون، وَصلى عَلَيْك فِي الْأَوَّلين والآخرين أفضل وأكمل وَأطيب مَا صلى على أحد من خلقه أَجْمَعِينَ، كَمَا استنقذنا بك من الضَّلَالَة، وبصرنا بك من العماية، وهدانا بك من الْجَهَالَة، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأشْهد أَنَّك عَبده وَرَسُوله وأمينه وَخيرته من خلقه، وَأشْهد يَا رَسُول الله أَنَّك بلغت الرسَالَة، وَأديت الْأَمَانَة، وَنَصَحْت الْأمة، وكشفت الْغُمَّة، وجاهدت فِي الله حق جهاده، وعبدت رَبك حَتَّى أَتَاك الْيَقِين، وَنحن وفدك يَا رَسُول الله وأضيافك، جِئْنَا إِلَى جنابك الْكَرِيم من بِلَاد شاسعة وأماكن بعيدَة، نقصد بذلك قَضَاء

<<  <   >  >>