للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِمَكَّة قبل زَمْزَم قَالَ: وحفرها كلاب بن مرّة. قَالَ السُّهيْلي: وَهِي من خممت الْبَيْت إِذا كنسته وَيُقَال: فلَان مخموم الْقلب أَي نقيه فَكَأَنَّهَا سميت بذلك لنقائها قَالَ: وَأما غَدِير خم الَّذِي عِنْد الْجحْفَة فَسُمي بِهِ لغيضة عِنْده يُقَال لَهَا: خم فِيمَا ذكرُوا انْتهى.

فصل: ذكر عُيُون مَكَّة

قَالَ الْأَزْرَقِيّ: كَانَ مُعَاوِيَة قد أجْرى فِي الْحرم عيُونا وَاتخذ لَهَا أخيافاً، فَكَانَت حَوَائِط وفيهَا النّخل وَالزَّرْع ثمَّ سردها الْأَزْرَقِيّ وَذكر أَنَّهَا عشر عُيُون ثمَّ قَالَ: وَكَانَ عُيُون مُعَاوِيَة قد انْقَطَعت وَذَهَبت فَأمر أَمِير الْمُؤمنِينَ الرشيد بعيون مِنْهَا فَعمِلت وأحييت وصرفت فِي عين وَاحِدَة ثمَّ انْقَطَعت هَذِه الْعُيُون فَكَانَ النَّاس بعد انقطاعها فِي شدَّة من المَاء وَكَانَ أهل مَكَّة والحاج يلقون من ذَلِك الْمَشَقَّة حَتَّى أَن الراوية لتبلغ فِي الْمَوْسِم عشرَة دَرَاهِم وَأكْثر وَأَقل فَبلغ ذَلِك أم جَعْفَر بنت أبي الْفضل جَعْفَر بن أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمَنْصُور فَأمر فِي سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَة بِعَمَل بركتها الَّتِي بِمَكَّة فأجرت لَهَا عينا من الْحرم فجرت بِمَاء قَلِيل فَلم يكن فِيهِ ري لأهل مَكَّة وَقد غرمت فِي ذَلِك غرماً عَظِيما فبلغها فَأمرت المهندسين أَن يجروا لَهَا عيُونا من الْحل وَكَانَ النَّاس يَقُولُونَ: إِن مَاء الْحل لَا يدْخل الْحرم لِأَنَّهُ يمر على عِقَاب وجبال فَأرْسلت بأموال عِظَام ثمَّ أمرت من يزن عينهَا الأولى فَوجدَ فِيهَا فَسَادًا فأنشأت عينا أُخْرَى إِلَى جنبها وأبطلت تِلْكَ الْعُيُون فَعمِلت عينهَا هَذِه بِأَحْكَم مَا يكون الْعَمَل وعظمت فِي ذَلِك رغبتها وَحسنت نِيَّتهَا، فَلم تزل تعْمل فِيهَا حَتَّى بلغت ثنية جبل فَإِذا المَاء لَا يظْهر فِي ذَلِك الْجَبَل فَأمرت بِالْجَبَلِ فَضرب فِيهِ وأنفقت فِي ذَلِك من الْأَمْوَال مَا لم تكن تطيب بِهِ نفس أحد حَتَّى أجراها الله تَعَالَى لَهَا وأجرت فِيهَا عيُونا من الْحل مِنْهَا عين المشاش واتخذت لَهَا بركاً تكون السُّيُول إِذا جَاءَت تَجْتَمِع فِيهَا ثمَّ أجرت لَهَا عيُونا من حنين فَصَارَت لَهَا مكرمَة لم تكن لأحد قبلهَا وَطَابَتْ نَفسهَا بِأَن أنفقت فِيهَا مَا لم تكن تطيب بِهِ نفس أحد، فَأهل مَكَّة والحاج إِنَّمَا يعيشون بهَا بقدرة الله تَعَالَى ثمَّ

<<  <   >  >>