فَقَالَ إِبْرَاهِيم: زيدوا فِيهَا الْعلي الْعَظِيم فَفعلت الْمَلَائِكَة ذَلِك. وَعَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: إِن آدم عَلَيْهِ السَّلَام لما أهبط إِلَى الأَرْض استوحش لما رأى من شعثها، وَلم ير فِيهَا أحدا غَيره، فَقَالَ: يَا رب أما لأرضك هَذِه عَامر يسبحك فِيهَا ويقدس لَك غَيْرِي. قَالَ: سأجعل فِيهَا من ذريتك من يسبح بحمدي ويقدس لي، وسأجعل فِيهَا بُيُوتًا ترفع لذكري ويسبحني فِيهَا خلقي، وسأبوئك فِيهَا بَيْتا أختاره لنَفْسي وأختصه بكرامتي وأوثره على بيُوت الأَرْض كلهَا، باسمي فأسميه بَيْتِي وأنطقه بعظمتي وأحوزه بحرماتي وأجعله أَحَق بيُوت الأَرْض كلهَا وأولاها بذكري، وأضعها فِي الْبقْعَة الَّتِي اخْتَرْت لنَفْسي فَإِنِّي اخْتَرْت مَكَانَهُ يَوْم خلقت السَّمَاوَات وَالْأَرْض، وَقبل ذَلِك قد كَانَ بغيتي، فَهُوَ صفوتي من الْبيُوت وَلست أسْكنهُ، وَلَيْسَ يَنْبَغِي لي أَن أسكن الْبيُوت وَلَا يَنْبَغِي لَهَا أَن تسعني، وَلَكِنِّي على كرْسِي الْكِبْرِيَاء والجبروت وَهُوَ الَّذِي يسْتَقلّ بعرشي وَعَلِيهِ وضعت عظمتي، ثمَّ هُوَ بعد ذَلِك ضَعِيف عني لَوْلَا قوتي، أجعَل ذَلِك الْبَيْت لَك وَلمن بعْدك حرما وَأمنا، أحرم بحرماته مَا فَوْقه وَمَا تَحْتَهُ، فَمن حرمه بحرماتي فقد عظم حرماتي، وَمن أحله فقد أَبَاحَ حرماتي، وَمن آمن أَهله فقد اسنوجب بذلك أماني وَمن أَخَافهُم فقد أخفرني فِي ذِمَّتِي وَمن عظم شَأْنه عظم فِي عَيْني، وَمن تهاون بِهِ صغر فِي عَيْني، وَلكُل ملك حِيَازَة مَا حواليه وبطن مَكَّة خيرتي وحيازتي وجيران بَيْتِي، وعمارها وفدي وأضيافي فِي كنفي ضامنون عليّ فِي ذِمَّتِي وجواري، فأجعله أول بَيت وضع للنَّاس وأعمره بِأَهْل السَّمَاء وَالْأَرْض، يأتونه أَفْوَاجًا شعثاً غبراً على كل ضامر يَأْتِين من كل فج عميق، يعجون بِالتَّكْبِيرِ عجيجاً، ويرجّون بِالتَّكْبِيرِ رجيجاً، وينتحبون بالبكاء نحيباً، فَمن اعتمره لَا يُرِيد غَيره فقد زارني ووفد إليّ وَنزل بِي، وَمن نزل بِي فحقيق على أَن أتحفه بكرامتي، وَحقّ على الْكَرِيم أَن يكرم وفده وأضيافه وَأَن يسعف كل وَاحِد مِنْهُم بحاجته، تعمره يَا آدم مَا كنت حيّاً ثمَّ تعمره من بعْدك الْأُمَم والقرون والأنبياء، أمة بعد أمة وَقرن بعد قرن وَنَبِي بعد نَبِي حَتَّى يَنْتَهِي ذَلِك إِلَى نَبِي من ولدك وَهُوَ خَاتم النَّبِيين فأجعله من عماره وسكانه وحماته
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute