للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الَّذِي أَخذ الْحَيَّة المشرفة على جِدَاره وَتلك كَانَت من آيَاته. انْتهى. قَالَ التوربشتي فِي " شرح المصابيح ": وَلَقَد شاهدت من كَرَامَة الْبَيْت الْمُبَارك أَيَّام مجاورتي بِمَكَّة أَن الطير كَانَ لَا يمر فَوْقه، وَكنت كثيرا أتدبر تحليق الطير فِي ذَلِك الجو، فأجدها مجتنبة عَن محاذاة الْبَيْت، وَرُبمَا انْقَضتْ من الجو حَتَّى تدانت فطافت بِهِ مرَارًا ثمَّ ارْتَفَعت، ثمَّ قَالَ: وَمن آيَات الله الْبَيِّنَة فِي كَرَامَة الْبَيْت أَن حمامات الْحرم إِذا نهضت للطيران طافت حوله مرَارًا من غير أَن تعلوه، فَإِذا وقفت عَن الطيران وَقعت على شرفات الْمَسْجِد أَو على بعض الأسطحة الَّتِي حول الْمَسْجِد، وَلَا تقع على ظهر الْبَيْت مَعَ خلوها عَمَّا ينفرها، وَقد كُنَّا نرى الْحَمَامَة إِذا مَرضت وتساقط ريشها وتناثر ترْتَفع من الأَرْض حَتَّى إِذا دنت من ظهر الْبَيْت أَلْقَت بِنَفسِهَا على الْمِيزَاب أَو على طرف ركن من الْأَركان فَتبقى بِهِ زَمَانا طَويلا حائمة كَهَيئَةِ المتخشع لَا حراك فِيهَا ثمَّ تَنْصَرِف مِنْهَا بعد حِين من غير أَن تعلو شَيْئا من سقف الْبَيْت. قَالَ بعض حجابه: قد تدبرتها كرة بعد أُخْرَى فَلم تخْتَلف فِيهِ كَمَا قَالَ سواهُ: كَانَت الطير مَمْنُوعَة عَن استعلاء الْبَيْت بالطبع، فَلَا غرو أَن يكون الْإِنْسَان مَمْنُوعًا عَنهُ بِالشَّرْعِ كَرَامَة للبيت. انْتهى كَلَامه. وَمِنْهَا: أَن مِفْتَاح الْكَعْبَة إِذا وضع فِي فَم الصَّغِير الَّذِي ثقل لِسَانه عَن الْكَلَام يتَكَلَّم سَرِيعا بقدرة الله تَعَالَى ذكر ذَلِك الفاكهي، وَذكر أَن المكيين يَفْعَلُونَهُ. انْتهى. وَهُوَ يفعل فِي عصرنا هَذَا. وَمِنْهَا: أَنه لايجئ سيل من الْجَبَل فَيدْخل الْحرم، وَإِنَّمَا يخرج من الْحرم إِلَى الْحل، وَإِذا انْتهى سيل الْحل إِلَى الْحرم وقف وَلم يدْخل فِيهِ، وَلَا يدْخل الْحرم إِلَّا سيل الْحرم. وَقَالَ الْأَزْرَقِيّ: وَلَا يسيل وَاد من الْحل فِي الْحرم إِلَّا من مَوضِع وَاحِد عِنْد التَّنْعِيم عِنْد بيُوت غفار.

<<  <   >  >>