فَلَمَّا انْتَهوا إِلَى فَم الْغَار قَالَ قَائِل مِنْهُم: ادخُلُوا الْغَار فَقَالَ أُميَّة بن خلف: مَا أربكم إِلَى الْغَار إِن عَلَيْهِ لعنكبوتاً كَانَ قبل مِيلَاد مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ جَاءَ فَبَال فِي صدر الْغَار حَتَّى سَالَ بَوْله بَين يَدي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر، فَنهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قتل العنكبوت وَقَالَ:" إِنَّهَا لخيل من جنود الله تَعَالَى " رَوَاهُ عبد الْملك بن مُحَمَّد النَّيْسَابُورِي فِي كتاب " شرف الْمُصْطَفى ". وَعَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ قَالَ: لما دخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْغَار دَعَا شَجَرَة كَانَت على بَاب الْغَار فَقَالَ لَهَا: ائْتِنِي فَأَقْبَلت حَتَّى وقفت على بَاب الْغَار قَالَ: وَكَانَ الَّذِي بَال مُسْتَقْبل الْغَار عَطِيَّة بن أبي معيط. وَفِي كتاب " الدَّلَائِل " للسيرقسطي: لما دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْغَار أنبت الله تَعَالَى على بَابه وَهِي شَجَرَة مَعْرُوفَة قَالَ أَبُو حنيفَة: هِيَ من أغلاف الشَّجَرَة وَتَكون مثل قامة الْإِنْسَان وَلها زهر أَبيض يحشى مِنْهُ المخاد وَقيل: هِيَ شَجَرَة أم غيلَان وَفِي مُسْند الْبَزَّار أَن الله تَعَالَى أرسل حَمَامَتَيْنِ وَحْشِيَّتَيْنِ فَوَقَعَتَا على وَجه الْغَار وَأَن نسل حمام الْحرم من نسل تِلْكَ الحمامتين. ذكره السُّهيْلي. وَفِي حَدِيث الْهِجْرَة وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:" يَا أَبَا بكر مَا ظَنك بِاثْنَيْنِ الله ثالثهما ". فَوَائِد مِنْهَا: بَيَان فضل أبي بكر الصّديق حَيْثُ قرنه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَفسِهِ وَقَالَ: " مَا ظَنك بِاثْنَيْنِ الله ثالثهما " مَعْنَاهُ ثالثهما بِالْحِفْظِ والعصمة والنصر والمعونة والتسدسد وَهُوَ دَاخل فِي قَوْله تَعَالَى: " إِن الله مَعَ الَّذين اتَّقوا وَالَّذين هم محسنون " وَقيل: هُوَ معنى قَوْله: " إِذْ يَقُول لصَاحبه لَا تحزن إِن الله مَعنا " وَمِنْهَا عظم قدر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وارتفاع شَأْنه وَتَعَالَى رتبته ومكانه عَن التأثر بنوائب الدُّنْيَا والتغير بمصائبها ومتاعبها حَيْثُ اهتم أَبُو بكر بوصولهم إِلَى بَاب الْغَار متبعين لأثرهما وَخَافَ من اطلاعهم عَلَيْهِمَا وَلم يهتم وَلم يبال بأمرهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَثَبت جأش أبي بكر وأزال روعه وطمأن نَفسه على أَن الْمُفَسّرين ذكرُوا أَن كَثْرَة خوف أبي بكر رَضِي الله عَنهُ إِنَّمَا كَانَت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا لنَفسِهِ، ويروى أَنه قَالَ لما خَافَ الطّلب: يَا رَسُول الله إِن قتلت فَأَنا رجل وَاحِد وَإِن أصبت