قَالَ المطري: وَهِي الْيَوْم " حديقة كَبِيرَة " محوط عَلَيْهَا بحائط، وَعِنْدهَا فِي الحديقة بِئْر صَغِير أَصْغَر مِنْهَا، وَالنَّاس يَخْتَلِفُونَ فيهمَا أَيهمَا بِئْر البصة إِلَّا أَن الشَّيْخ محب الدّين قطع بِأَنَّهَا الْكَبِيرَة الْقبلية، وَقِيَاس الصُّغْرَى كالكبرى، وعرضها سِتَّة أَذْرع وَهِي الَّتِي تلِي أَطَم مَالك بن سِنَان أَبُو أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: وَسمعت بعض من أدْركْت من أكَابِر خدام الْحرم الشريف وَغَيرهم من أهل الْمَدِينَة يَقُولُونَ: إِنَّهَا الْكُبْرَى الْقبلية. وَأَن الْفَقِيه الصَّالح أَبَا الْعَبَّاس أَحْمد بن مُوسَى بن عجيل وَغَيره من صلحاء الْيمن إِذا جاؤها للتبرك إِنَّمَا يقصدون الْكُبْرَى، والحديقة الَّتِي هِيَ فِيهَا الْيَوْم وقف على الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين والواردين والصادرين لزيارة سيد الْمُرْسلين، أوقفها الشَّيْخ عَزِيز الدولة ريحَان الندى الشهابي شيخ خدام الْحرم الشريف قبل وَفَاته " بيومين " أَو ثَلَاثَة، وَكَانَت وَفَاته سنة سبع وَتِسْعين وسِتمِائَة. السَّادِسَة: بِئْر رومة. قَالَ الإِمَام منتخب الدّين أَبُو الْفَتْح الْعجلِيّ: لما قدم الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَة الشَّرِيفَة استنكروا المَاء لملوحته، وَكَانَ لرجل من بني غفار عين يُقَال لَهَا بِئْر رومة يَبِيع مِنْهَا الْقرْبَة بِمد من الطَّعَام، فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " بعنيها بِعَين فِي الْجنَّة ". فَقَالَ لَيْسَ لي غَيرهَا. فَبلغ عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ فاشتراها بِخَمْسَة وَثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم ثمَّ أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَتجْعَلُ لي مثل الَّذِي جعلت لَهُ؟ فَقَالَ: نعم. قَالَ الشَّيْخ: وَهَذِه الْبِئْر فِي العقيق الْأَصْغَر وَفِي العقيق الْأَكْبَر بِئْر عُرْوَة كَمَا قدمنَا. وَعَن مُوسَى بن طَلْحَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " نعم الحفيرة، حفيرة الْمُزنِيّ يَعْنِي رومة " فَلَمَّا سمع بذلك عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ ابْتَاعَ نصفهَا بِمِائَة بكرَة وَتصدق بهَا فَجعل النَّاس يستقون مِنْهَا، فَلَمَّا رأى صَاحبهَا أَن قد امْتنع مِنْهُ مَا كَانَ يُصِيب عَلَيْهَا بَاعَ من عُثْمَان النّصْف الْبَاقِي بِشَيْء يسير فَتصدق بهَا كلهَا. وَذكر ابْن عبد الْبر أَن بِئْر رومة كَانَت ركية ليهودي يَبِيع من مَائِهَا للْمُسلمين، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من يَشْتَرِي رومة فيجعلها للْمُسلمين يضْرب بدلوه فِي دلائلهم، وَله بهَا مشربَة فِي الْجنَّة ". فَأتى عُثْمَان الْيَهُودِيّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute