وَهِي منَازِل حول الْمَدِينَة. قَالَ مَالك: بَين أبعد العوالي وَالْمَدينَة ثَلَاثَة أَمْيَال) . وَقد ذكر ابْن زبالة فِي تَارِيخه عدَّة آبار بِالْمَدِينَةِ وسماها فِي دور الْأَنْصَار وَنقل أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَاهَا وَتَوَضَّأ من بَعْضهَا وَشرب مِنْهَا، لَا يعرف الْيَوْم مِنْهَا شَيْء. قَالَ الشَّيْخ جمال الدّين: وَمن جملَة مَا ذكر آبار فِي الْحرَّة الغربية فِي آخر منزلَة المنعمي على يسَار السالك الْيَوْم على بِئْر على الْمحرم، وعَلى جَانبهَا الشمالي بِنَاء مستطيل مجصص يُقَال لَهَا السقيا كَانَت لسعد بن أبي وَقاص تقدم ذكرهَا، نقل أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " عوض " جَيش بدر بالسقيا وَصلى فِي مَسْجِدهَا، ودعا فِي هُنَاكَ لأهل الْمَدِينَة أَن يُبَارك لَهُم فِي مدهم وصاعهم وَأَن يَأْتِيهم بالرزق من هَاهُنَا وَهَاهُنَا، وَشرب صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بِئْرهَا، وَيُقَال لأرضها السفلجان. وَهِي الْيَوْم معطلة خراب وَهِي بِئْر كَبِيرَة مليحة منقورة فِي الْجَبَل، وَنقل أَن السقيا عين من طرف الْحرَّة بَينهَا وَبَين الْمَدِينَة يَوْمَانِ كَذَا فِي كتاب أبي دَاوُد. وَنقل الْحَافِظ عبد الْغَنِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عرض جَيْشه على بِئْر أبي عنبة بِالْحرَّةِ فَوق هَذِه الْبِئْر إِلَى الْمغرب، وَنقل أَنَّهَا على ميل من الْمَدِينَة. وَمِنْهَا بِئْر أُخْرَى إِذا وقفت على هَذِه الْمَذْكُورَة وَأَنت على جادة الطَّرِيق وَهِي على يسارك كَانَت هَذِه على يَمِينك وَلكنهَا بعيدَة عَن الطَّرِيق قَلِيلا، وَهِي فِي سَنَد من الْحرَّة قد حوط حولهَا بِنَاء مجصص وَكَانَ على شفيرها حَوْض من حِجَارَة لم تزل أهل الْمَدِينَة قَدِيما يتبركون بهَا وَيَشْرَبُونَ من مَائِهَا وينقل إِلَى الْآفَاق مِنْهَا كَمَا ينْقل مَاء زَمْزَم، ويسمونها زَمْزَم أَيْضا لبركتها، قَالَ: وَلم أعلم أحدا ذكر مِنْهَا أحدا يعْتَمد عَلَيْهِ وَالله أعلم أَيَّتهمَا هِيَ السُّفْلى الأولى لقربها من الطَّرِيق أم هَذِه لتواتر الْبركَة فِيهَا. قَالَ عفيف الدّين الْمرْجَانِي: وَيُمكن أَن يكون تسميتهم إِيَّاهَا زَمْزَم لِكَثْرَة مَائِهَا يُقَال: مَاء زَمْزَم لِكَثْرَة مَائِهَا أَي كثير. قَالَ الشَّيْخ جمال الدّين: أَو لَعَلَّهَا الْبِئْر الَّتِي احتفرتها فَاطِمَة بنت الْحُسَيْن بن عَليّ زَوْجَة الْحسن بن الْحسن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُم حِين أخرجت من بَيت جدَّتهَا