للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لما قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك غَار الْجذع فَذهب. وقصة الْجذع نَظِير إحْيَاء الْمَوْتَى لعيسى عَلَيْهِ السَّلَام وأكبر. وَقَالَ ابْن أبي الزِّنَاد: وَلم يزل الْجذع على حَاله زمَان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُم فَلَمَّا هدم عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ الْمَسْجِد اخْتلف فِي الْجذع، فَمنهمْ من قَالَ: أَخذه أبيّ بن كَعْب، وَمِنْهُم من قَالَ: دفن فِي مَوْضِعه. قَالَ الْحَافِظ محب الدّين: وَكَانَ الْجذع فِي مَوضِع الاسطوانة المحلقة عَن يَمِين الْمِحْرَاب محراب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد الصندوق. قَالَ الشَّيْخ جمال الدّين: إِنَّه كَانَ لاصقاً بجدار الْمَسْجِد القبلي فِي مَوضِع كرْسِي الشمعة الْيُمْنَى الَّتِي عَن يَمِين الْمصلى فِي مقَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، والاسطوانة الَّتِي قبل الْكُرْسِيّ مُتَقَدّمَة عَن مَوضِع الْجذع، فَلَا يعْتَمد على قَول من جعلهَا مَوضِع الْجذع، وَفِي الاسطوانة خَشَبَة ظَاهِرَة مثبتة بالرصاص بِموضع كَانَ فِي حجر من حِجَارَة الاسطوانة مَفْتُوح قد حوط عَلَيْهِ بالبياض والخشبة ظَاهِرَة تَقول الْعَامَّة هَذَا الْجذع، وَلَيْسَ كَذَلِك بل هُوَ من جملَة الْبدع الَّتِي يجب إِزَالَتهَا؛ لِئَلَّا يفتتن بهَا كَمَا أزيلت الْجَذعَة الَّتِي فِي الْمِحْرَاب القبلي، فَإِن الشَّيْخ أَبَا حَامِد رَحمَه الله ذكر مصلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَقَّقَهُ بقوله: إِذا وقف الْمُصَلِّي فِي مقَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اكون رمانة الْمِنْبَر الشريف حَذْو مَنْكِبه الْأَيْمن، وَيجْعَل الْجَذعَة الَّتِي فِي الْقبْلَة بَين يَدي عَيْنَيْهِ، فَيكون وَاقِفًا فِي مصلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ الشَّيْخ جمال الدّين: وَذَلِكَ قبل احتراق الْمَسْجِد الشريف، وَقبل أَن يَجْعَل هَذَا اللَّوْح الْقَائِم فِي قبْلَة مصلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَإِنَّمَا جعل بعد حريق الْمَسْجِد وَكَانَ يحصل بِتِلْكَ الْجَذعَة تشويش كثير، وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا يَقُولُونَ: هَذِه خرزة فَاطِمَة بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَت عالية فَيتَعَلَّق النِّسَاء وَالرِّجَال إِلَيْهَا، فَلَمَّا كَانَت سنة إِحْدَى وَسَبْعمائة جاور الصاحب زين أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ الْمَعْرُوف بِابْن حنا فَأمر بقلعها فَقلعت، وَهِي الْيَوْم فِي حَاصِل الْحرم الشريف ثمَّ توجه إِلَى مَكَّة فِي أثْنَاء السّنة فَرَأى أَيْضا مَا يَقع من الْفِتْنَة عِنْد دُخُول الْبَيْت الْحَرَام من الرِّجَال وَالنِّسَاء لاستمساك العروة الوثقى فِي

<<  <   >  >>