وَكَانَت الظّهْر يَوْمئِذٍ أَربع رَكْعَات، مِنْهَا اثْنَان إِلَى بَيت الْمُقَدّس، وَاثْنَانِ إِلَى الْكَعْبَة، وصرفت الْقبْلَة يَوْم الثُّلَاثَاء النّصْف من شعْبَان فِي السّنة الثَّانِيَة من الْهِجْرَة، وَقيل: بل صرفت الْقبْلَة فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صَلَاة الْعَصْر يَوْم الِاثْنَيْنِ النّصْف من رَجَب على رَأس سَبْعَة عشر شهرا من الْهِجْرَة. وَقَالَ ابْن الْمسيب: صرفت قبل بدر بشهرين. وَالْأول أصح. قَالَ الْحَافِظ محب الدّين: وَهَذَا الْمَسْجِد بعيد من الْمَدِينَة قريب من بِئْر رومة وَقد تقدم، وَلم يبْق إِلَّا آثاره، وَمَوْضِع الْمَسْجِد يعرف بالقاع، والقاع الْمَكَان المستوي. قَالَ عفيف الدّين الْمرْجَانِي: وَبِهَذَا الْوَادي سَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن مَعَه بِالْخَيْلِ وَالْإِبِل على ظهر المَاء لما أَن غزا خَيْبَر قَالَ رَضِي الله عَنهُ: وجدنَا السُّيُول بالقاع فقدرنا المَاء فَإِذا هُوَ أَرْبَعَة عشر قامة فَنزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسجدَ ودعا ثمَّ قَالَ: " سِيرُوا على اسْم الله "، فسرنا على المَاء. وَكَانَ ذَلِك نَظِير فلق الْبَحْر لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام. قَالَ الشَّيْخ جمال الدّين: وَمَسْجِد الْقبْلَتَيْنِ بعيد عَن مَسْجِد الْفَتْح من جِهَة الغرب على رابية على شَفير وَادي العقيق، وَحَوله خراب عَتيق على الْحرَّة، وَحَوله آبار ومزارع تعرف بِالْعرضِ، فِي قبله مزارع الجرف الْمَعْرُوف بِالْمَسْجِدِ الْمَذْكُور فِي قَرْيَة بني سَلمَة، وَيُقَال لَهَا خرباة، ثمَّ قَالَ: وَفِي هَذَا الْمَسْجِد وَهُوَ مَسْجِد بني حزَام من بني سَلمَة رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النخامة فحكها بعرجون كَانَ فِي يَده، ثمَّ دَعَا بخلوق فَجعله على رَأس العرجون، ثمَّ جعله على مَوضِع النخامة، فَكَانَ أول مَسْجِد خلق فِي الْإِسْلَام. وَمِنْهَا مَسْجِد الفضيخ. روى هِشَام بن عُرْوَة والْحَارث بن فُضَيْل أَنَّهُمَا قَالَا: صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَسْجِد الفضيح. وَعَن جَابر بن عبد الله أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما حاصر بني النَّضِير ضرب قُبَّته فِي مَوضِع مَسْجِد الفضيح وَأقَام بهَا سِتا، قَالَ: وَجَاء تَحْرِيم الْخمر فِي السّنة الثَّالِثَة من الْهِجْرَة، وَقيل: فِي السّنة الرَّابِعَة، وَأَبُو أَيُّوب فِي نفر من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَوْضِعه مَعَهم رِوَايَة خمر من فضيخ، فَأمر أَبُو