للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجبلها وبرها وبحرها وإنسها وجنها حَتَّى أسمعهم جَمِيعًا وتطأطأت الْجبَال، وَفِي رِوَايَة: خفضت الْجبَال رؤوسها وَرفعت لَهُ الْقرى فَأدْخل إصبعيه فِي صماخي أُذُنَيْهِ وَأَقْبل بِوَجْهِهِ يمناً وشاماً وشرقاً وغرباً، وَبَدَأَ بشق الْيمن فَقَالَ: أَيهَا النَّاس كتب عَلَيْكُم الْحَج إِلَى الْبَيْت الْعَتِيق فأجيبوا ربكُم وَفِي رِوَايَة: أَن الله قد أَمركُم بِحَجّ هَذَا الْبَيْت ليثيبكم بِهِ الْجنَّة ويجيركم من عَذَاب النَّار فحجوا فَأَجَابُوهُ من تَحت التخوم السَّبْعَة وَمن بَين الْمشرق وَالْمغْرب إِلَى مُنْقَطع التُّرَاب من أقطار الأَرْض كلهَا لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك وَفِي رِوَايَة: أَي كل رطب ويابس، وسَمعه من بَين الْمشرق وَالْمغْرب وأجابه من كَانَ فِي أصلاب الرِّجَال وأرحام النِّسَاء فَلَيْسَ أحد يحجّ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا من أجَاب نِدَاء إِبْرَاهِيم، وَإِنَّمَا حجهم على قدر إجابتهم يَوْمئِذٍ، فَمن أَجَابَهُ مرّة حج مرّة، وَمن أَجَابَهُ مرَّتَيْنِ حج مرَّتَيْنِ، وَمن أَجَابَهُ أَكثر فَأكْثر على حسب إجَابَته. ويروى أَنه كَانَ بَين ذَلِك وَبَين أَن بعث الله مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة آلَاف سنة، وَكَانَ أول من أجَاب دَعْوَة إِبْرَاهِيم بِالتَّلْبِيَةِ أهل الْيمن، وَذهب جمَاعَة إِلَى أَن الْمَأْمُور فِي قَوْله تَعَالَى: " وَأذن فِي النَّاس بِالْحَجِّ ". سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَفِي رِوَايَة اسْتقْبل إِبْرَاهِيم الْيمن ودعا إِلَى الله وَإِلَى حج بَيته فَأُجِيب أَن لبيْك لبيْك، ثمَّ اسْتقْبل الْمشرق فَدَعَا إِلَى الله وَإِلَى حج بَيته فَأُجِيب أَن لبيْك لبيْك، ثمَّ إِلَى الْمغرب بِمثل ذَلِك، ثمَّ إِلَى الشَّام بِمثل ذَلِك، ثمَّ حج إِبْرَاهِيم بِإِسْمَاعِيل وبمن مَعَه من الْمُسلمين من جرهم، وهم سكان الْحرم يَوْمئِذٍ مَعَ إِسْمَاعِيل وهم أصهاره، وَصلى بهم الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَالْعشَاء بمنى ثمَّ بَات بهم حَتَّى أصبح وَصلى بعن الْغَدَاة، ثمَّ غَدا بهم إِلَى نمرة فَقَالَ بهم هُنَالك حَتَّى إِذا مَالَتْ الشَّمْس جمع بَين الظّهْر وَالْعصر بِعَرَفَة فِي مَسْجِد إِبْرَاهِيم، ثمَّ رَاح بهم إِلَى الْموقف من عَرَفَة وَهُوَ الْموقف الَّذِي يقف عَلَيْهِ الإِمَام الْيَوْم فَوقف بهم فَلَمَّا غربت الشَّمْس دفع بِهِ وبمن مَعَه حَتَّى أَتَى الْمزْدَلِفَة فَجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ الْمغرب وَالْعشَاء الْآخِرَة، ثمَّ بَات حَتَّى إِذا طلع الْفجْر صلى بهم الْغَدَاة ثمَّ وقف بِهِ على قزَح من الْمزْدَلِفَة وبمن مَعَه وَهُوَ الْموقف الَّذِي يقف بِهِ الإِمَام الْيَوْم حَتَّى

<<  <   >  >>