للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ الْحَاكِم: اخْتلفت الرِّوَايَة فِي سنّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلم يَخْتَلِفُوا أَنه ولد فِي عَام الْفِيل، وَأَنه بعث وَهُوَ ابْن أَرْبَعِينَ سنة، وَأَنه أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ عشرا، وَإِنَّمَا اخْتلفُوا فِي مقَامه بِمَكَّة المشرفة بعد الْبَعْث فَقيل: عشرا، وَقيل: ثَلَاثَة عشر، وَقيل: خَمْسَة عشر، وسجى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِبرد حبرَة. وَقيل: إِن الْمَلَائِكَة سجته، وَكذب بعض أَصْحَابه بِمَوْتِهِ دهشة مِنْهُم عمر بن الْخطاب، وأخرس بَعضهم فَمَا تكلم إِلَّا بعد الْغَد مِنْهُم عُثْمَان بن عَفَّان، وأقعد آخَرُونَ مِنْهُم عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُم. قَالَ عفيف الدّين الْمرْجَانِي: وَالْحكمَة فِي ذَلِك أَنه لما كَانَ عمر أبلغ النَّاس نظرا وَأَعْلَاهُمْ فراسة صَحِيح تخيل الْفِكر عَظِيم قياسة أدهش حَتَّى لم يتخيل موت الْمُخْتَار، وَلما كَانَ عُثْمَان حوى أثقال الفصاحة وَله فِي القَوْل على من سواهُ رجاحة أخرس بإنطاق حجب الأستار، وَلما كَانَ على سبف الله الْقَاطِع وَعَلِيهِ اسْم الْقُوَّة وَاقع اقعد عَن مد خطوَات الأقدار، وَلم يكن أثبت من الْعَبَّاس وَأبي بكر رَضِي الله عَنْهُمَا وَبَقِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَيته يَوْم الِاثْنَيْنِ وَلَيْلَة الْأَرْبَعَاء، فَلَمَّا كَانَ يَوْم الثُّلَاثَاء أقبل النَّاس على جهاز رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَمِعُوا من بَاب الْحُجْرَة حِين ذكرُوا غسله لَا تغسلوه فَإِنَّهُ طَاهِر مطهر، ثمَّ سمعُوا بعده غسلوه فَإِن ذَلِك إِبْلِيس وَأَنا الْخضر، وَقَالَ: إِن فِي الله عزاء من كل مُصِيبَة، وخلفاً من كل هَالك، ودركاً من كل فَائت، فبالله نتقوى، وإياه فَارْجِعُوا، فَإِن الْمُصَاب من حرم الثَّوَاب، ثمَّ كَلمهمْ مُكَلم من نَاحيَة الْبَيْت غسلوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَلِيهِ ثِيَابه، وَكَانُوا قد اخْتلفُوا فِي ذَلِك فغسلوه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَمِيصه، وَكَانُوا لَا يرَوْنَ أَن يقلبوا مِنْهُ عضوا إِلَّا انْقَلب بِنَفسِهِ، وَإِن مَعَهم لحفيفاً كَالرِّيحِ يصوت بهم ارفقوا برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنَّكُم ستكفونه، وَتَوَلَّى غسله عليّ وَالْعَبَّاس وَالْفضل وَقثم بن الْعَبَّاس يقلبونه مَعَهم، وَأُسَامَة بن زيد وشقران موليا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصبَّانِ المَاء، وَأَوْس ابْن خولي الْأنْصَارِيّ مِمَّن حضر غسله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يرْوى عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَوْصَانِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يغسلهُ غَيْرِي " فَإِنَّهُ لَا يرى أحد عورتي إِلَّا طمست عَيناهُ ". وسطعت مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ريح لم يَجدوا مثلهَا قطّ. وكفن صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ثَلَاثَة أَثوَاب بيض سحُولِيَّة من كُرْسُف لَيْسَ فِيهَا

<<  <   >  >>