للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِسْمَاعِيل أَن ينْكح فيهم فَخَطب إِلَى مضاض بن عَمْرو ابْنَته رعلة فَزَوجهُ إِيَّاهَا، فَولدت لَهُ عشرَة ذُكُور وَهِي الَّتِي غسلت رَأس إِبْرَاهِيم حِين وضع رجله على الْمقَام، وَتُوفِّي إِسْمَاعِيل وَترك ولدا من رعلة بنت مضاض بن عَمْرو فَقَامَ مضاض بِأَمْر ولد إِسْمَاعِيل وكفلهم؛ لأَنهم بَنو ابْنَته، فَلم يزل أَمر جرهم يعظم بِمَكَّة ويستفحل حَتَّى ولوا الْبَيْت فَكَانُوا ولاته وحجابه وولاة الْأَحْكَام بِمَكَّة، فجَاء سيل فَدخل الْبَيْت فانهدم فأعادته جرهم على بِنَاء إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام، وَكَانَ طوله فِي السَّمَاء تِسْعَة أَذْرع وَقَالَ بعض أهل الْعلم: كَانَ الَّذِي بنى الْبَيْت لجرهم أَبُو الجدرة فيمس عَمْرو " الجادر " وَسمي بنوه " الجدرة "، ثمَّ إِن جرهم استخفت بِأَمْر الْبَيْت وَالْحرم وارتكبوا أموراً عَظِيمَة وأحدثوا فِيهَا أحداثاً لم تكن، فَقَامَ مضاض بن عَمْرو بن الْحَارِث فيهم خَطِيبًا فَقَالَ: يَا قوم احْذَرُوا الْبَغي فَإِنَّهُ لَا بَقَاء لأَهله قد رَأَيْتُمْ من كَانَ قبلكُمْ استخفوا بِالْحرم فَلم يعظموه وَتَنَازَعُوا بَينهم وَاخْتلفُوا، حَتَّى سلطكم الله عَلَيْهِم فأخرجتموهم فَتَفَرَّقُوا فِي الْبِلَاد فَلَا تستخفوا بِحَق الْحرم وَحُرْمَة الْبَيْت، فَإِنَّكُم إِن فَعلْتُمْ ذَلِك تخوفت أَن تخْرجُوا مِنْهُ خُرُوج ذل وصغار حَتَّى لَا يقدر أحد مِنْكُم أَن يصل إِلَى الْحرم وَلَا إِلَى زِيَارَة الْبَيْت، فَقَالَ قَائِل مِنْهُم يُقَال لَهُ: مخدع: من الَّذِي يخرجنا مِنْهُ؟ أَلسنا أعز الْعَرَب وَأَكْثَرهم رجَالًا وأموالاً وسلاحاً؟ فَقَالَ مضاض بن عَمْرو: إِذا جَاءَ الْأَمر بَطل مَا تَقولُونَ. فَلم يقتصروا على شَيْء مِمَّا كَانُوا يصنعون، وَكَانَ للبيت خزانَة تبر فِي بَطنهَا يلقى فِيهَا الحلى وَالْمَتَاع الَّذِي يعدي لَهُ وَهُوَ يَوْمئِذٍ لَا سقف لَهُ، فتواعد لَهُ خَمْسَة نفر من جرهم أَن يسرقوا مَا فِيهِ على كل زَاوِيَة من الْبَيْت رجل مِنْهُم واقتحم الْخَامِس فَجعل الله عز وَجل أَعْلَاهُ أَسْفَله وَسقط مُنَكسًا على ذَلِك، وَقيل: لما دخل الْبِئْر سقط عَلَيْهِ حجر من شَفير الْبِئْر فحبسه فِيهَا، وفر الْأَرْبَعَة. قَالَ آخَرُونَ: فَعِنْدَ ذَلِك مسخت الْأَركان الْأَرْبَعَة فَلَمَّا كَانَ من أَمر هَؤُلَاءِ الَّذين حاولوا سَرقَة مَا فِي خزانَة الْكَعْبَة مَا كَانَ، بعث الله سُبْحَانَهُ حَيَّة سَوْدَاء الظّهْر بَيْضَاء الْبَطن رَأسهَا مثل رَأس الجدي فحرست الْبَيْت خَمْسمِائَة سنة لَا يقربهُ أحد بِشَيْء من معاصي الله تَعَالَى إِلَّا أهلكه الله وَلَا يقدر أحد على سَرقَة مَا كَانَ فِي الْكَعْبَة وَسَيَأْتِي قصَّة رفع الْحَيَّة عِنْد بِنَاء قُرَيْش الْكَعْبَة وَلما طغت جرهم فِي الْحرم دخل رجل مِنْهُم وَامْرَأَة يُقَال لَهما: إساف ونائلة الْبَيْت ففجرا فِيهِ، وَقيل: لم يفجر بهَا فِي الْبَيْت وَلَكِن قبّلها، فمسخهما الله حجرين فأخرجا

<<  <   >  >>