للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سيخرب وَأَنه سَيَأْتِي سيل العرم فيخرب الجنتين، فَبَاعَ عَمْرو بن عَامر أَمْوَاله وَسَار هُوَ وَقَومه من بلد إِلَى بلد لَا يطئون بَلَدا إِلَّا غلبوا عَلَيْهِ وقهروا أَهله حَتَّى يخرجُوا مِنْهُ، وَلذَلِك حَدِيث طَوِيل مَذْكُور فِي مَحَله، فَلَمَّا قاربوا مَكَّة سَارُوا وَمَعَهُمْ طريفة الكاهنة، فَقَالَت لَهُم: سِيرُوا فَلَنْ تجتمعوا أَنْتُم وَمن خَلفْتُمْ أبدا ثمَّ قَالَت لَهُم: وَحقّ مَا أَقُول مَا عَلمنِي مَا أَقُول إِلَّا الْحَكِيم الْمُحكم رب جَمِيع الْإِنْس من عرب وَمن عجم. قَالُوا لَهَا: مَا شَأْنك يَا طريفة؟ قَالَت: خُذُوا الْبَعِير الشدقم فخضبوه بِالدَّمِ بلون أَرض جرهم جيران بَيته الْمحرم، فَلَمَّا انْتَهوا إِلَى مَكَّة وَأَهْلهَا جرهم قد قهروا النَّاس وحازوا ولَايَة الْبَيْت على بني إِسْمَاعِيل وَغَيرهم، أرسل إِلَيْهِم ثَعْلَبَة بن عَمْرو بن عَامر يَقُول: إِنَّا قد خرجنَا من بِلَادنَا فَلم ننزل بَلَدا إِلَّا فسح أَهلهَا لنا وَمن خَرجُوا عَنَّا فنقيم مَعَهم حَتَّى نرسل روادنا فيرتادوا لنا بَلَدا تحملنا فأفسحوا لنا فِي بِلَادكُمْ حَتَّى نُقِيم قدر مَا نستريح وَنُرْسِل روادنا إِلَى الشَّام وَإِلَى الْمشرق فَحَيْثُمَا بلغنَا أَنه أمثل لحقنا بِهِ، وَأَرْجُو أَن يكون مقامنا مَعكُمْ يَسِيرا، فَأَبت جرهم ذَلِك واستكبروا فِي أنفسهم وَقَالُوا: لَا وَالله مَا نحب أَن ينزلُوا مَعنا فيضيقوا علنا مراحلنا ومواردنا فارحلوا عَنَّا حَيْثُ جئْتُمْ فَلَا حَاجَة لنا بجواركم، فَأرْسل إِلَيْهِم ثَعْلَبَة بن عَمْرو بن عَامر أَنه لَا بُد لي من الْمقَام بِهَذَا الْبَلَد حولا حَتَّى ترجع إليّ رُسُلِي الَّتِي أرْسلت، فَإِن تركتموني طَوْعًا نزلت وحمدتكم وآسيتكم فِي الرعى وَالْمَاء، وَإِن أَبَيْتُم أَقمت على كرهكم ثمَّ لم ترعوا معي إِلَّا فضلا فَإِن قاتلتموني قاتلتكم ثمَّ إِن ظَهرت عَلَيْكُم سبيت النِّسَاء وَقتلت الرِّجَال وَلم أترك مِنْكُم أحدا ينزل الْحرم أبدا، فَأَبت جرهم أَن تتركه طَوْعًا وَبعثت لقتاله فَاقْتَتلُوا ثَلَاثَة أَيَّام، فانهزمت جرهم فَلم ينفلت مِنْهُم إِلَّا الشريد، وَكَانَ مضاض بن عَمْرو قد اعتزل جرهم وَلم يُعِنْهُمْ فِي ذَلِك وَقَالَ: قد كنت أحذركم من هَذَا ثمَّ رَحل هُوَ وَولده وَأهل بَيته حَتَّى نزلُوا قنونى

<<  <   >  >>