قدمْنَاهُ. قَالَ السُّهيْلي: وَكَانَت الفيلة ثَلَاثَة عشر فيلاً فَهَلَكت كلهَا إِلَّا مَحْمُودًا وَهُوَ فيل النَّجَاشِيّ من أجل أَنه أَبى من التَّوَجُّه إِلَى الْحرم. قَالَ: وَقَالَ ابْن عَبَّاس: كَانَ أَصْغَر الْحِجَارَة كرأس الْإِنْسَان وكبارها كَالْإِبِلِ، وَكَانَت قصَّة الْفِيل فِي أول الْمحرم من سنة اثْنَيْنِ وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة من تَارِيخ ذِي القرنين. وَقَوله: " فَضربُوا رَأسه بالطبرزين " بِفَتْح الْبَاء هَذَا هُوَ الأَصْل كَمَا ذكره الْبكْرِيّ فِي المعجم والطبر هُوَ الفأس، وَقد تسكن الْبَاء؛ لِأَن الْعَرَب تتلاعب بالأسماء الأعجمية تلاعباً وَلَا تقرها على حَال قَالَه ابْن جنى. وروى يُونُس عَن ابْن إِسْحَاق: أَن الْفِيل ربض فَجعلُوا يقسمون بِاللَّه أَنهم رادوه إِلَى الْيمن فيحرك لَهُم أُذُنَيْهِ كَأَنَّهُ يَأْخُذ عَلَيْهِم بذلك عهدا، فَإِذا أَقْسمُوا لَهُ قَامَ يُهَرْوِل فيردونه إِلَى مَكَّة فيربض، فَيحلفُونَ لَهُ فيحرك لَهُم أُذُنَيْهِ كالمؤكد عَلَيْهِم الْقسم فَفَعَلُوا ذَلِك مرَارًا، وَفِي رِوَايَة: أَنهم استشعروا الْعَذَاب فِي لَيْلَة ذَلِك الْيَوْم؛ لأَنهم نظرُوا إِلَى النُّجُوم كالحة إِلَيْهِم تكَاد تكلمهم من اقترابها مِنْهُم ففزعوا لذَلِك. قَالَ الْمرْجَانِي فِي " بهجة النُّفُوس ": وَأَقْبَلت الطير من نَاحيَة الْبَحْر يَوْم الِاثْنَيْنِ. قَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي تَفْسِيره: قَالَ عُلَمَاؤُنَا: كَانَت قصَّة الْفِيل فِيمَا بعد من معجزات النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِن كَانَ قبله. قَالَ: وَقَالَ أَبُو صَالح: وَرَأَيْت فِي بَيت أم هَانِئ بنت أبي طَالب نَحوا من قفيزين من تِلْكَ الْحِجَارَة سَوْدَاء مخططة بحمرة. فَإِن قيل: كَيفَ منع أَصْحَاب الْفِيل من الْكَعْبَة قبل مصيرها قبْلَة ومنسكاً، وَلم يمْنَع الْحجَّاج من هدمها وَقد صَارَت قبْلَة ومنسكاً حِين أحرقها وَنصب المنجنيق عَلَيْهَا؟ ! فَالْجَوَاب: إِن فعل الْحجَّاج كَانَ بعد اسْتِقْرَار الدّين فاستغنى عَن آيَات تأسيسه، وَأَصْحَاب الْفِيل كَانُوا قبل ظُهُور النُّبُوَّة فَجعل الْمَنْع مِنْهَا آيَة لتأسيس النُّبُوَّة ومجيء الرسَالَة، وَأجَاب الزَّمَخْشَرِيّ عَنهُ: بِأَن الْحجَّاج مَا قصد التسليط على الْبَيْت وَإِنَّمَا تحصن بِهِ ابْن الزبير فاحتال لإخراجه ثمَّ بناه، وَلما قصد التسليط عَلَيْهِ أَبْرَهَة فعل بِهِ مَا فعل على أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد أنذر بهدمها، فَصَارَ الْهدم آيه بعد مَا كَانَ الْمَنْع آيَة، وَقد عاصر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute