للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجواب عليه من وجهين:

الأول: أن الروايات الصحيحة الثابتة في ذلك تبين أن حواراً جري بين الصديق - رضي الله عنه - وبين عمر رضي الله عنه حول قتال مانعي الزكاة انتهى إلى الاتفاق على قتالهم بعد أن اتضح الحكم الشرعي في المسألة.

ففي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: " لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستخلف أبو بكر بعده، كفر من كفر من العرب، فقال عمر بن الخطاب لأبي بكر: "كيف تقاتل الناس، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا اله إلا الله، ومن قال: لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله؟ قال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الزكاة والصلاة، وإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عقالاً- أو عناقاً- كانوا يؤدونه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعه، فقال عمر بن الخطاب: فوالله ما هو إلا أن رأيت أن الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق". (١)

وفي معالم السنن: " فلما استقر عند عمر صحة رأي أبي بكر - رضي الله عنه - ما وبان له صوابه، تابعه على قتال القوم ... ". (٢)

أما الروايات التاريخية الأخرى ففيها زيادات، وذكرت بغير إسناد، ولا ترقى إلى درجة الصحة والقبول، وبعضها يصادم الروايات الصحيحة المعتمدة في كتب الحديث، وبعضها مجمل بمعنى أنها عندما تذكر خلاف الصحابة مع الصديق، لا تذكر من هم الصحابة المخالفون له وكم عددهم وما نسبتهم. (٣)

الثاني: أن الصديق - رضي الله عنه - لم يتمسك برأي له، أصر على أن يعارض به الصحابة وأن يفرضه عليهم، وإنما كان يتمسك بالنص، ومعلوم أنه لا اجتهاد، ولا شورى، ولا أغلبية في مورد النص. (٤)


(١) صحيح البخاري: كتاب الزكاة، باب وجوب الزكاة وأخذ العناق في الصدقة، ج ٢، ص ١٣١، برقم ١٣٩٩ - ١٤٠٠.
(٢) معالم السنن: حمد بن بست الخطابي، المطبعة العلمية: حلب، ط (١) ١٩٣٢ م، ج ٢، ص ٥.
(٣) قضية الأغلبية: الريسوني، ص ٥٩ - ٦٠، بتصرف.
(٤) المرجع نفسه، ص ٦٠.

<<  <   >  >>