للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ميل النفس إلى تفضيل رأي الأغلبية، فطري يدرك بالبداهة من غير إعمال للفكر، ولا علم بالسبب، وهذه البداهة يدركها الناس جميعاً صغاراً وكباراً في جميع الشعوب، فحيثما كانت الكثرة في الرأي وفي الاختيار وفي المواقف فالصواب فيها أكثر.

[الفقرة السابعة: أقوال المعاصرين في العمل بمبدأ الأغلبية.]

وردت أقوال كثيرة للمعاصرين في العمل بمبدأ الأغلبية منها:

يقول محمد رشيد رضا: " .. ومنه يعلم أن ما شرعه الله من العمل برأي الأكثرية فسببه أنه هو الأمثل في الأمور العامة، لا لأنهم معصومين منها ".

ويقول أيضا: " فإن قيل وما حكمته تعالى في ترجيح الرسول لرأي الجمهور المرجوح ثم إنكاره تعالى ذلك عليهم، قل: إن لله في ذلك لحِكما ما ظهر لي منها، الحكمة الأولى: عمل الرسول ص برأي الجمهور الأعظم فيما لا نص فيه من الله تعالى، وهو ركن من أركان الإصلاح السياسي والمدني الذي عليه أكثر الأمم في دولها القوية في هذا العصر". (١)

ويقول عبد القادر عودة: " وربما يصح عقلاً أن رأي الأكثرية خاطئاً، ورأي الأقلية صوابا، ولكن هذا نادر، والنادر لا حكم له، والمفروض شرعا رأي الأكثرين هو الصواب ما دام كله يبدي رأيه مجرداً لله وأساس ذلك قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا تجتمع أمتي على ضلالة ويد الله مع الجماعة " (٢).

البند الثاني: أدلة القائلين بمنع العمل بالأغلبية.

وقف عدد من العلماء والدعاة المعاصرين من مبدأ الأغلبية موقف الإنكار والرفض واستدلوا بعدة أدلة منها:

[الفقرة الأولى: من القرآن الكريم.]

أ- أن الأكثرية وردت في القرآن الكريم مورد الذم، واقترنت بالضلال وعدم العلم في عدد من آيات القرآن منها:

قوله تعالى {وَلَكِن أَكْثَرَ الناسِ لَا يَشْكُرُونَ}. (٣)

قوله تعالى {وَلَكِن أَكْثَرَ الناسِ لَا يَعْلَمُونَ} (٤).

قوله تعالى {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِيِ الُأَرْضِ يُضِلوُكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ} (٥).

وقوله تعالى {وَلَكِن أَكْثَرَ الناسِ لَا يُؤْمِنُونَ} (٦).

وقوله تعالى {وَمَا أَكْثَرُ الناسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} (٧)


(١) تفسير المنار: محمد رشيد بن علي رضا، الهيئة المصرية العامة للكتاب: القاهرة، ط () ١٩٩٠ م، ج ١٠، ص ٨٢.
(٢) سنن الترمذي: كتاب الفتن، باب ما جاء في لزوم الجماعة، ج ٤، ص ٤٦٥، برقم ٢١٦٦، صحيح ابن حبان: كتاب السير، ذكر إثبات معونة الله جل وعلا الجماعة وإعانة الشيطان من فارقها، ج ١٠، ص ٤٣٧، برقم ٤٥٧٧، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، برقم ٢١٦٦.
(٣) البقرة (٢٤٣).
(٤) الأعراف (١٨٧).
(٥) الأنعام (١١٦).
(٦) هود (١٧).
(٧) يوسف (١٠٣).

<<  <   >  >>