للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحدهما: أن أبا بكر - رضي الله عنه - عهد بها إلى عمر - رضي الله عنه -، فأثبت المسلمون إمامته بعده (ولم ينكروها). ... والثاني: أن عمر - رضي الله عنه - عهد بها إلى أهل الشورى، فقبلت الجماعة دخولهم فيها، وهم أعيان العصر اعتقاداً؛ لصحة العهد بها وخرج باقي الصحابة منها، وقال علي للعباس رضوان الله عليهما حين عاتبه على الدخول في الشورى كان أمراً عظيماً من أمور الإسلام لم أر لنفسي الخروج منه، فصار العهد بها إجماعاً انعقاد الإمامة". (١)

ومن الدلائل على الأخذ بالأغلبية في الانتخابات ما يلي:

[أ. بيعة الصديق في السقيفة والمسجد]

ورد في اجتماع السقيفة أحاديث وروايات كثيرة موضوعة ومكذوبة على خير البرية - صلى الله عليه وسلم -، أغلبها من أبي مخنف، تنسج هذه الروايات من قصة السقيفة التي اجتمع فيها أطهر الخلق بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حكاية مكر، وتآمر، وتشعل منها نيران فتنة، وتشكك من خلالها في عدالة الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم جميعاً، وقد أعرضت عن هذه الروايات، واعتمدت رواية البخاري في جامعه الصحيح عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مات .. واجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة، فقالوا: "منا أمير ومنكم أمير، فذهب إليهم أبو بكر، وعمر بن الخطاب، وأبو عبيدة بن الجراح، فذهب عمر يتكلم فأسكته أبو بكر، وكان عمر يقول: والله ما أردت بذلك إلا أني قد هيأت كلاماً قد أعجبني خشيت أن لا يبلغه أبو بكر، ثم تكلم أبو بكر فتكلم أبلغ الناس فقال في كلامه: نحن الأمراء وأنتم الوزراء، فقال خباب بن المنذر: لا والله لا نفعل، منا أمير ومنكم أمير، فقال أبو بكر: لا، ولكنا الأمراء وأنتم الوزراء، وهم أوسط العرب داراً، وأعربهم أحساباً، فبايعوا عمر أو أبا عبيدة، فقال عمر: بل نبايعك أنت؛ فأنت سيدنا، وخيرنا، وأحبنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخذ عمر بيده فبايعه، وبايعه الناس، فقال قائل: قتلتم سعد بن عبادة، فقال عمر: قتله الله ". (٢)

وما كان في السقيفة كانت بيعة خاصة لأبي بكر الصديق - رضي الله عنه - من جماعة من المهاجرين والأنصار رضوان الله عليهم، فلما كان الغد من يوم توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت بيعته العامة في المسجد.


(١) المرجع نفسه، ص ١٢.
(٢) صحيح البخاري: كتاب فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب مناقب أبي بكر، ج ٥، ص ٨، برقم ٣٦٦٨.

<<  <   >  >>