للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جاء في غاية المرام: " واعلم أن الكلام في الإمامة ليس من أصول الديانات، ولا من الأمور اللابديات، بحيث لا يسع المكلف الإعراض عنها والجهل بها، بل لعمري أن المعرض عنها لأرجى حالاً من الواغل فيها، فإنها قلما تنفك عن التعصب، والأهواء، وإثارة الفتن والشحناء، والرجم بالغيب في حق الأئمة والسلف بالازدراء، وهذا مع كون الخائض فيها سالكاً سبيل التحقيق، فكيف إذا كان خارجاً عن سواء الطريق ". (١)

ويقول الإيجي (٢) عن الإمامة: " وهي عندنا من الفروع، وإنما ذكرناها في علم الكلام، تأسياً بمن قبلنا". (٣)

ويقول الغزالي: " اعلم أن النظر في الإمامة أيضا ليس من المهمات، وليس أيضاً من فن المعقولات، بل من الفقهيات، ثم إنها مثار للتعصبات، والمعرض عن الخوض فيها، أسلم من الخائض فيها وإن أصاب، فكيف إذا اخطأ .. ". (٤)

[الفقرة الخامسة: المجال العسكري.]

فالتشاور في الأمور العسكرية وتنفيذ المهمات القتالية، وإعلان الحرب، وملاقاة العدو، ووضع الخطط الحربية، وتحديد الأولويات، يحتاج إلى تشاور وقد تختلف الآراء، وإعمال مبدأ الأغلبية لحسم الخلاف من أنجع الوسائل، فقد استشار النبي - صلى الله عليه وسلم - في أحد- كما تقدم - ونزل عند رأي أغلبيتهم الذي يقضي بملاقاة المشركين خارج المدينة، وأخذ برأي الأغلبية في حصار الطائف بالبقاء حتى تفتح، فلما أصاب الصحابة الجراح قفلوا راجعين في الغد بعد سماعهم التوجيه النبوي الكريم: إنا قافلون غداً إن شاء الله، والشواهد من السيرة كثيرة كما مر في ثنايا هذا البحث.


(١) غاية المرام في علم الكلام: علي بن أبي علي بن محمد بن سالم الآمدي، تح: حسن محمود عبد اللطيف، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية: القاهرة، ط () ١٣٩١ هـ، ص ٣٦٣.
(٢) عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الغفار، المعروف بعضد الدين الإيجي، عالم بالأصول، والمعاني والعربية من أهل إيج بفارس، ولي القضاء وأنجب تلاميذاً عظاماً، شارح مختصر ابن الحاجب وله المواقف والجواهر، توفي سنة ٧٥٦ هـ. طبقات الشافعية: ابن قاضي شهبة، ج ٣، ص ٢٨، الأعلام: الزركلي، ج ٣، ص ٢٩٥.
(٣) المواقف: الإيجي، ص ٣٩٥.
(٤) الاقتصاد في الاعتقاد: الغزالي، ص ٢٣٤

<<  <   >  >>