للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥ - ما جاء في تحرير الأحكام: " ولا يشترط في أهل البيعة عدد مخصوص، بل من تيسر حضوره عند عقدها، ولا تتوقف صحتها على مبايعة أهل الأمصار، بل متى بلغتهم لزمهم الموافقة إذا كان المعقود له أهلاً لها ". (١)

وهذه الروايات والآثار تدل على مشروعية اعتبار الأغلبية في البيعة.

[الفقرة الثانية: الاجتهاد الجماعي.]

ويقصد الباحث به- كما تقدم- العمل العلمي المنهجي الذي تقوم به فئة من فقهاء الأمة وعلمائها المتخصصين في مختلف العلوم، والذي تسعى من خلاله؛ لطلب الحكم الشرعي الظني بطريقة التشاور والاستنباط، عبر هيئات الإفتاء العام، ومؤسسات الاجتهاد الجماعي المعاصرة، كالمجامع الفقهية، وهيئات الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية، ولجان تقنين أحكام الشريعة الإسلامية، وغيرها من الجهات ذات البعد الجماعي، ولا شك أن بحث نوازل العصر ... ومستجداته، ووقائعه المختلفة بجهد جماعي، ووفق عمل مؤسسي يدعى إليه أهل الاختصاص، وتعد أبحاثه بعناية تامة، ويلقى من التدقيق والتمحيص وتداول الرأي ما يوصل إلى الصواب ... أو يقاربه، أرقى وسائل العصر، وأبعد عن الخطأ، وأقرب إلى منهج الراشدين رضوان الله تعالى عليهم فقد تعددت الآثار منهم في بيان ذلك ومنها:

أ. ... أثر المسيب بن رافع قال: " كانوا إذا نزلت بهم قضية ليس فيها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أثر اجتمعوا لها وأجمعوا، فالحق فيما رأوا ". (٢)

ب. ما رواه ميمون بن مهران أنه قال: " كان أبو بكر إذا ورد عليه الخصوم نظر في كتاب الله فإن وجد فيه ما يقضي بينهم قضى به، وإن لم يكن في الكتاب، وعلم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الأمر سنة قضى بها، فإن أعياه، خرج فسأل المسلمين، وقال: أتاني كذا وكذا، فهل علمتم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى في ذلك بقضاء؟ فربما اجتمع عليه النفر كلهم يذكر فيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضاء، فإن أعياه أن يجد فيه سنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع رؤوس الناس، فإذا أجمعوا على شيء قضى به". (٣)


(١) تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام: محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة، تح: فؤاد عبد المنعم أحمد، دار الثقافة: الدوحة، ط () ١٤٠٨ هـ - ١٩٨٨ م، ص ٥٣.
(٢) مسند الدارمي: باب إتباع السنة، ج ١، ص ٢٣٨، برقم ١١٦.
(٣) مسند الدارمي: باب كراهة الفتيا، ج ١، ص ٢٦٢، برقم ١٦٣.

<<  <   >  >>