للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ج. عمر يستشير الصحابة

ج. ... ما روي عن أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه - أنه كان مع علمه وفقهه يستشير الصحابة فإذا رفعت إليه قضية، قال: " ادعوا لي علياً، وادعوا لي زيداً، وكان يستشيرهم ثم يفصل بما اتفقوا عليه". (١)

د. وكان هذا المنهج هو الذي سار عليه سلف الأمة من التابعين وتابعيهم، فقد أثر عن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - أنه عندما ولي المدينة -وهو التابعي الثقة- كان يجمع عشرة من فقهائها، ويقول لهم: " إنما دعوتكم لأمر تؤجرون عليه، وتكونون فيه أعواناً على الحق، وما أريد أن أقطع أمرا إلا برأيكم، أو برأي من حضر منكم". (٢)

قال مالك: " أدركت هذا البلد وما عندهم إلا الكتاب والسنة فإذا نزلت نازلة جمع الأمير لها من حضر من العلماء فما اتفقوا عليه أنفذه". (٣)

ولكون نوازل العصر ومستجداته مسائل في غالبها مبنية على الاجتهاد تختلف فيها أنظار العلماء فإن الحاجة ماسة لهذه الهيئات والمؤسسات لحسم خلافها برأي الأغلبية من المشتركين فيها وهذا مجال يسوغ الأخذ برأي الأغلبية طالما أنهم من أهل العلم والتصويت على المسائل الشرعية في إطارهم.

[الفقرة الثالثة: المجال الإداري.]

فيسوغ الأخذ بمبدأ الأغلبية في كل ما يتعلق بالجانب الإداري في المؤسسات، والشركات، والجامعات، والمنظمات، والجمعيات، والاتحادات، والوزارات، والإدارات بمختلف درجاتها الحكومية والأهلية، إذ أن حسم الخلاف في هذه الجهات لا يتم إلا بموافقة الأغلبية فيها فيما يطرح للنقاش، وفي الأخذ بهذا المبدأ مندوحة؛ لأنها تتعلق بمصالح الناس وشئونهم المشتركة في حياتهم.

جاء في قواعد الأحكام: " وأما مصالح الدنيا، وأسبابها، ومفاسدها فمعروفة بالضروريات والتجارب، والعادات، والظنون ". (٤)

[الفقرة الرابعة: المجال السياسي.]

فيجوز الأخذ بمبدأ الأغلبية في مجال السياسة باعتبار ما ذهب إليه أهل السنة من أن الإمامة (السلطة) من فروع الدين لا أصوله.


(١) إعلام الموقعين: ابن القيم، ج ١، ص ٥٢.
(٢) البداية والنهاية: ابن كثير، ج ٩، ص ٧١.
(٣) تفسير القرطبي: القرطبي، ج ٦، ص ٣٣٢.
(٤) قواعد الأحكام في مصالح الأنام: عز الدين بن عبد السلام، ج ١، ص ١٣.

<<  <   >  >>