للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ثالثا: مجالات العمل بالأغلبية.]

تعددت مجالات العمل بمبدأ الأغلبية، وفيما يلي عرض موجز لأهم المجالات التي يصح فيها العمل بالأغلبية:

[الفقرة الأولى: الانتخابات العامة.]

ويعني بها الباحث اختيار ولي الأمر، أو رئيس الدولة، وما دونه من المجالس النيابية، ... والشورية، والبلدية، حسب تعبيرات المعاصرين.

وهذا المجال من أهم المجالات للأخذ بمبدأ الأغلبية أو الأكثرية.

وبالنظر في تراثنا الفقهي نجد أنه لا يوجد طريقة واحدة لإجراء الشورى واختيار الأمير ... أو الرئيس، بل الأمر متروك للمسلمين وداخل في قوله تعالى {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُم} فما ارتضاه أكثريتهم، وتوافقوا عليه صار إماماً معتبراً شرعاً تلزم طاعته، ولا يجوز الخروج عنه إلا إذا أتى بما يوجب الكفر البواح، واتضح منه البرهان، وأقيمت عليه الحجة فلا ولاية له.

وقد عبر عن هذا المعنى الغزالي حيث قال: " فإن شرط ابتداء الانعقاد، قيام الشوكة، وانصراف القلوب إلى المشايعة، ومطابقة البواطن والظواهر على المبايعة، فإن المقصود الذي طلبنا له الإمام جمع شتات الآراء في مصطدم تعارض الأهواء، ولا تتفق الإرادات المتناقضة، والشهوات المتباينة المتنافرة، على متابعة رأي واحد إلا إذا ظهرت شوكته، وعظمت نجدته، وترسخت في النفوس رهبته ومهابته، ومدار جميع ذلك على الشوكة، ولا تقوم الشوكة إلا بموافقة الأكثرين من معتبري كل زمان ". (١)

والمتأمل في العهد الراشدي يجد أن اختيار الخليفة كان يتم بطريقتين، كما ورد في الأحكام السلطانية: " والإمامة تنعقد من وجهين: أحدهما باختيار أهل الحل والعقد، والثاني: بعهد الإمام من قبل ... ". (٢)

وقال أيضا: " وأما انعقاد الإمامة بعهد من قبله فهو مما انعقد الإجماع على جوازه، ووقع الاتفاق على صحته؛ لأمرين عمل المسلمون بهما ولم يتناكروهما.


(١) فضائح الباطنية: الغزالي، ص ١٧٧.
(٢) الأحكام السلطانية: الماوردي، ص ٦.

<<  <   >  >>