للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمعنى: لا يعلمون الكتاب، لكن يتمنون أشياء باطلة لن تحصل لهم كتمنيهم أن يعفو الله عنهم ويرحهم ولايؤاخذهم بخطاياهم، وأن آباءهم الأنبياء سيشفعون لهم، وأن النار لن تمسهم إلا أياماً معدودة (١).

فقوله جل ذكره: {أَمَانِيَّ} [البقرة:٧٨] مأخوذ من التمني الذي هو تشهي حصول الأمر المرغوب فيه، وحديث النفس بما يكون وبما لا يكون. وهذا مستعمل في كلام العرب، يقولون للذي يقول ما لاحقيقة له وهو يحبه (هذا مُنَّي - وهذه أُمْنِيةَ) (٢).

- وإلى هذا القول ذهب: ابن عباس رضي الله عنه، والحسن البصري، وقتادة، وأبو العالية، والربيع. واختار هذا القول: أبو مسلم الأصفهاني: حيث قال: (وحمله على تمني القلب أولى، بدليل قوله تعالى: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ} [البقرة:١١١] أي: تمنيهم (٣).

الترجيح: جميع الأقوال المتقدمة يصح إرادتها من الآية.

لأن هذه المعاني جاءت في اللغة وليس بعضها أولى من بعض.

قال ابن فارس: (منى) الميم والنون والحرف المعتل أصل واحد صحيح، يدل على تقدير شيء ونفاذ القضاء به). (٤)

وقال الرازي: (الأماني) جميع أمنية، ولها معان مشتركة في أصل واحد) (٥).

وقال البيضاوي: (إلا أماني) استثناء منقطع. (والأماني):جمع أمنية، وهي في الأصل: ما يقدره الإنسان في نفسه من (منى): إذا قدر، ولذلك تطلق على الكذب، وعلى ما يُتمنى، وعلى ما يقرأ. والمعنى:

١ - ولكن يعتقدون أكاذيب أخذوها تقليداً من المحرفين.

٢ - أو مواعيد فارغة سمعوها منهم، من أن الجنة لا يدخلها إلا من كان هوداً، وأن النار لن تمسهم إلا أياماً معدودة.


(١) تفسير السمعاني (١/ ٩٩).
(٢) لسان العرب (١٥/ ٢٩٤).
(٣) تفسير الرازي (٣/ ١٣٩).
(٤) معجم مقاييس اللغة (٥/ ٢٧٦).
(٥) تفسير الرازي (٣/ ١٣٩).

<<  <   >  >>