للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدراسة

بين الإمام الطحاوي أن المراد بالسفه في قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} [البقرة:١٣٠]، أنه السفه في الدين، الذي هو الانصراف عن الحق إلى الضلال والذي يترتب عليه الهلاك والخسران في الدنيا والآخرة. وذكر قول أبي عبيدة، مؤيداً به ما ذهب إليه.

وإليك بيان أقوال المفسرين في المراد بقوله تعالى: {إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} [البقرة:١٣٠]:-

القول الأول: أن المراد بقوله تعالى: {إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} [البقرة:١٣٠]، أي: إلا من سَفَّه نفسه.

- ومعنى الآية: أنه لا يرغب عن ملة إبراهيم إلا من امتهن نفسه وظلمها وأهلكها بانصرافه عن سبيل الهداية إلى سبيل الضلال.

- وإلى هذا القول ذهب: أبو عبيدة - ويونس النحوي - والأخفش- والزمخشري- وأبو حيان الأندلسي - وابن كثير. (١)

قال أبو عبيدة: (معنى سفه نفسه: أهلك نفسه وأوبقها). (٢)

وقال ابن كثير:: {إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} [البقرة:١٣٠] أي: ظلم نفسه بسفهه وسوء تدبيره، بتركه الحق إلى الضلال، حيث خالف طريق من اصطفى في الدنيا للهداية والرشاد، وهو في الآخرة من الصالحين). (٣)

القول الثاني: أن المراد بقوله تعالى: {إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} [البقرة:١٣٠]، أي: إلا من جهل أمر نفسه. (٤)

- ومعنى الآية: أنه لا يرغب عن ملة إبراهيم إلا سفيه جاهل بما ينفع نفسه وما يضرها. (٥)

وذلك أن من جهل نفسه جهل أنه مخلوق، وإذا جهل أنه مخلوق جهل خالقه، وإذا جهل خالقه جهل أمره ونهيه. (٦)


(١) انظر: تهذيب اللغة (٦/ ١٣٣) - وتفسير الزمخشري (١/ ٣٢٤) - وتفسير أبي حيان (١/ ٦٢٨).
(٢) تهذيب اللغة (٦/ ١٣٢).
(٣) تفسير ابن كثير (١/ ١٩٠).
(٤) تفسير السمرقندي (١/ ١٥٩).
(٥) تفسير الطبري (١/ ٦٠٩).
(٦) انظر: تفسير القاسمي (١/ ٣٦٨)، وتفسير السعدي (١/ ١٤١).

<<  <   >  >>