للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكون معرفة النفس طريق إلى معرفة الخالق - قال جلّ وعلا: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات:٢١].

- وإلى هذا القول ذهب الإمام الطبري - والزجاج - - والقاسمي - والسعدي.

قال الزجاج: (والقول الجيد عندي في هذا: أن (سفه) في موضع (جهل)، فالمعنى والله أعلم: إلا من جهل نفسه - أي لم يفكر في نفسه). (١)

الترجيح: كلا القولين مراد بالآية، وذلك لأن من أعرض عن طريق الهدى مبتغياً طريق الضلال فهو جاهل بحقيقة نفسه ظالم لها، حاكم على نفسه بالهلاك والخسران في الدنيا ويوم الدين.

كما أن اللغة جاءت بهذا، يقال (سفه نفسه) أي: امتهنها واستخف بها. (٢)

ويقال: (سفه فلان رأيه) أي جهله، وكان رأيه مضطرباً لا استقامة له. (٣)

وبهذا يتبين أن ما قاله الإمام الطحاوي هو أحد الأقوال الواردة في المراد بالآية. والله تعالى أعلم.

قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (١٥٨)} [البقرة:١٥٨]

قال أبو جعفر الطحاوي: عن ابن شهاب (٤)، قال: قال عروة (٥):


(١) تهذيب اللغة (٦/ ١٣٣).
(٢) تفسير الزمخشري (١/ ٣٢٤).
(٣) انظر: تهذيب اللغة (٦/ ١٣٥)، والقاموس المحيط (١٦٠٩).
(٤) ابن شهاب هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري المدني، ولد سنة (٥٠ هـ) وكانت وفاته سنة (١٢٤ هـ).
(سير أعلام النبلاء ٥/ ٣٢٦).
(٥) عروة هو: أبو عبد الله عروة بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي، أحد الفقهاء السبعة، وكانت وفاته سنة (٩٣ هـ)

- (سير أعلام النبلاء - ٤/ ٤٢١).

<<  <   >  >>