للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدراسة

بين الإمام الطحاوي أن المراد (بالنسيان) في الآية هو: الترك على العمد. كما بين أن المراد (بالخطأ) في الآية هو: الخطأ الذي يفعله الإنسان، وهو مدرك أنه مخطئ في اختياره له، وفي عمله به.

وإليك أولاً: بيان الأقوال في المراد بـ (النسيان) في الآية:-

- القول الأول: أن المراد بالنسيان في الآية هو: الترك مع العمد.

بمعنى: أن يترك العبد ما أمر به على وجه التفريط والتضيع له.

فهذا هو النسيان الذي يرغب العبد إلى الله عز وجل في ترك مؤاخذته به.

- ومثال هذا النوع من النسيان: نسيان العبد للقرآن بعد حفظه، بتشاغله عنه وعن قراءته.

- وقد ورد هذا النوع من النسيان في أكثر من آية في كتاب الله: كما في قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (١١٥)} [طه:١١٥] وكما في قوله تعالى: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة:٦٧]

- القول الثاني: أن المراد بالنسيان في الآية هو: حقيقة النسيان، الذي هو ضد الذكر

وهو النسيان على وجه عجز الناس عن حفظ ما استحفظ ووكل به، وضعف عقله عن احتماله.

وهذا النوع من النسيان هو الوارد في الحديث، الثابت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - حيث يقول: " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان ". (١)

- ومثال هذا النوع من النسيان: نسيان العبد للقرآن بعد حفظه، مع حرصه على تذكره، ومدوامته على قراءته.

- وقد ورد هذا النوع من النسيان في أكثر من آية في كتاب الله. كما في قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف:٢٤]. وكما في قوله تعالى: {فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ} [الكهف:٦٣]


(١) أخرجه ابن ماجة في سننه - كتاب الطلاق - باب طلاق المكره والناسي (ح ٢٠٥٣ - ١/ ٣٧٧).
والحاكم في المستدرك - كتاب الطلاق (ح ٢٨٠١ - ٢/ ٢١٦) وقال: هذا حديث صحيح. أ هـ.

<<  <   >  >>