للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - ولأن حكم انتفاء الولد يستدل به على انتفاء حكم الوالد، لأن الولد أقرب إلى الميت من الوالد فإذا ورث الأخ عند انتفاء الأقرب، فأولى أن يرث عند انتفاء الأبعد.

٤ - أن الله جل وعلا وإن نص على انتفاء الولد في كتابه، فقد وكَّل حكم انتفاء الوالد إلى بيان السنة (١)، وذلك في قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: " ألحقو الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر " (٢)

٥ - أن لفظ الكلالة في كلام العرب يتناول الولد والوالد جميعاً، فكان ذكر انتفاء أحدهما دالاً على انتفاء الآخر. (٣) ومما يدل على أن الوالد ليس بكلالة في كلام العرب، قول الشاعر:

فإن أبا المرء أحمى له ... ومولى الكلالة لا يغضبُ

والمعنى: أن أبا المرء يغضب لابنه إذا ظلم، وأما أقرباؤه كالإخوة والأعمام وسائر القرابات، فإنهم لا يغضبون من أجل غضب الولد. (٤) فأصل (الكلالة) في اللغة هو: الإحاطة، ومنه: (الإكليل) لإحاطته بالرأس. فالكلالة في النسب من أحاط بالولد والوالد من الإخوة والأخوات وتكللهما وتعطف عليهما.

والولد والوالد ليسا بكلالة، لأن أصل النسب وعموده الذي ينتهي إليه هو الولد والوالد، ومن سواهما فهو خارج عنهما. وهذا يدل على صحة قول من تأول (الكلالة) على من عدا الولد والوالد، وأن الولد إذا لم يكن من الكلالة، فكذلك الوالد، لأن نسبة كل واحد منهما إلى الميت من طريق الولادة، وليس كذلك الأخوة والأخوات، لأن نسب كل واحد منهم لا يرجع إلى الميت من طريق ولادة بينهم. (٥)


(١) تفسير الزمخشري (٢/ ١٨٨).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الفرائض - باب ابني عم أحدهما أخ للأم والآخر زوج (ح ٦٣٦٥ - ٦/ ٢٤٨٠).
ومسلم في صحيحه - كتاب - الفرائض - باب: ألحقو الفرائض بأهلها (ح ٤١١٧ - ١١/ ٥٤).
(٣) تفسير الزمخشري (٢/ ١٨٨).
(٤) معاني القرآن للزجاج (٢/ ٢٤).
(٥) أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٨٨).

<<  <   >  >>