للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال قائل: فقد احتججت بحديث إبراهيم بن طهمان هذا، وفيه تخُّير الإمام في هذه الأشياء أيها رأى أنه يقيمه على أهل المحاربة. وأنت لا تقول هذا، وقد قال بالتخير قبلك في هذه العقوبة غير واحدٍ من أهل العلم؟

فذكر عن الحسن في قوله: " أو. . . أو. . . " قال: الإمام مخير: إن شاء قتل، وإن شاء صلب، وإن شاء قطع ". وعن إبراهيم، والحسن، والضحاك، وعطاء ومجاهد أنهم كانوا يقولون: الإمام مخير في ذلك، أي ذلك ما شاء فعل

قال: فهذه الآثار كلها عن هؤلاء التابعين في تخيُّر الإمام، وقد كان مالك بن أنس يذهب إلى هذا، فإلى قول من خالفت ذلك؟ قيل له: إلى قول عبد الله بن عباس إذا خرج الرجل محارباً، فأخاف السبيل وأخذ المال، قطعت يده ورجله من خلاف، وإن هو أخذ المال وقتل، قطعت يده ورجله من خلاف وصلب، وإن هو قتل ولم يأخذ المال قتل، وإن هو أخاف السبيل ولم يأخذ المال نُفي.

وإلى هذا القول كان محمد بن الحسن وأبو يوسف يذهبان.

وأما أبو حنيفة فكان يقول: إذا أخذ المال وقتل، كان الإمام بالخيار: إن شاء قطع يده ورجله من خلاف، ثم قتله، وإن شاء قتله ولم يقطع يده ورجله من خلاف

وأما ما حكيته عن مالك، فقد غلطت عليه فيه، لأن مالكاً كان يستعمل التخُّير كما ذكرت ما لم يقتل أو يطول مكثه في المحاربة. فإذا كان ذلك، كان حكمه أن يقتله، فقد عاد قوله بذلك إلى طائفة من قول الآخرين ممن يجعل الآية على المراتب لا على التخُّير.

فقال هذا القائل: فلم لم تجعل للإمام أن يقتل بالمحاربة إذا لم يصب أهلها القتل بظاهر الآية.

<<  <   >  >>