للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلت: لما قد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما يدفع ذلك. كما عن أبي أمامة بن سهل (١)، قال: كنت مع عثمان رضي الله عنه في الدار وهو محصور، فدخل يوماً لحاجة، ثم خرج، فقال: لِمَ يقتلونني؟! فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: رجل كفر بعد إيمانه، أو زنى بعد إحصانه، أو قتل نفساً بغير نفس " فوالله ما زنيت في جاهلية ولا إسلام قط، ولا تمنيت لي بديني بدلاً منذ هداني الله عز وجل، فلم يقتلونني؟! (٢)

فكان فيما روينا نفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حل دم من يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله إلا بواحدة من الثلاث المذكورات في هذا الحديث، فثبت بذلك أنه لا يحل دم من خرج من المسلمين بخروجه حتى يكون في ذلك القتل، وفيما ذكرنا موافقة ما رويناه عن ابن عباس، والله نسأله التوفيق.

(شرح مشكل الآثار-٥/ ٤٥ - ٦١)

الدراسة

بين الإمام الطحاوي الآثار الواردة في سبب نزول الآية، مرجحاً أن حكم الآية عام في بيان جزاء من ارتكب تلك الأشياء المذكورة فيها، سواء كانت تلك الأفعال من أهل الإسلام أو من غيرهم. ثم ذكر الأقوال في عقوبة من كانت منه المحاربة، مرجحاً أن العقوبات المذكورة في الآية على الترتيب بحسب نوع الجريمة. وليس الإمام مخير بينها، لأنه لو كان له ذلك لجاز له قتل المحارب وإن لم يقتل، وهذا مردود بحديث أبي أمامة الدال على عدم جواز قتل من كانت منه محاربة ولم يقتل.


(١) أبو أمامة هو: الصحابي الجليل أسعد بن سهل بن حُنيف الأنصاري المدني، وكانت وفاته سنة (١٠٠ هـ). (تهذيب الكمال-١/ ٢٠٩).
(٢) أخرجه أبو داود في سننه - كتاب: الديات - باب: الإمام يأمر بالعفو في الدم - (ح ٤٥٠٢ - ٤/ ٦٤٠).
والنسائي في سننه - كتاب: تحريم الدم - باب: ذكر ما يحل به دم المسلم - (ح ٤٠٣١ - ٧/ ١٠٦).

<<  <   >  >>