للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإليك أولاً: بيان الآثار الواردة في سبب نزول الآية:

١ - ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة:٣٣]. قال: (نزلت في المشركين، منهم من تاب قبل أن يقدر عليه لم يكن عليه سبيل، وليست تحرز هذه الآية الرجل المسلم من الحد إن قتل، أو أفسد في الأرض، أو حارب الله ورسوله، ثم لحق بالكفار قبل أن يقدر عليه، لم يمنعه ذلك أن يقام فيه الحد الذي أصابه) (١)

٢ - ما روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه: " أن نفراً من عكل قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلموا وآمنوا، فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأتوا إبل الصدقة فيشربوا من أبوالها، فقتلوا راعيها، واستاقوها، فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - في طلبهم فأتي بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمر أعينهم، ولم يحسمهم، وتركهم حتى ماتوا، فأنزل الله: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة:٣٣]. (٢)

الترجيح: والراجح هو القول بأن سبب نزول الآية هو ما ورد في الرواية الثانية، لأن صيغة السببية فيها صريحة خلافاً للرواية الأولى، كما أنها أصح سنداً لكونها ثابتة في الكتب الستة، إلا أن حكم الآية عام فيمن حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فساداً، إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

المسألة الثانية: بيان الأقوال في المراد (بالمحاربة) في الآية:


(١) تقدم تخريجه (٤٢٣).
(٢) أخرجه النسائي في سننه - تحريم الدم - باب: تأويل قوله الله عز وجل:: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة:٣٣].
(ح ٤٠٣٧ - ٧/ ١٠٩) - وأبو يعلى في مسنده - (ح ٣٠٤٤ - ٥/ ٣٨٤). ومعنى قوله: (ولم يحسمهم) أي: ولم يكوهم، والحسم في اللغة كي العرق
بالنار لينقطع الدم. (شرح صحيح مسلم للنووي-١١/ ١٥٧).

<<  <   >  >>