للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - أن يكون فعل المحاربة في الصحراء وداخل البلد.

- وهذا قول: مالك - والشافعي - والأوزاعي - والليث بن سعد - وأبي يوسف - وأبي ثور. (١)

- وحجة هذا القول:

١ - قوله جل وعلا: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة:٣٣]. فهذه الآية عامة في بيان عقوبة كل من صدر عنه ذلك الفعل في أي مكان من الأرض.

٢ - أن عقوبة المحاربة حد ثابت كسائر الحدود، فلا يختلف في وجوب إقامته على من كانت منه تلك الأفعال في أي مكان. (٢)

٣ - أن مرتكبي تلك الأفعال في البنيان أحق بالعقوبة من مرتكبيها في الصحراء. لأن البنيان محل الأمن والطمأنينة، ولأنه محل تناصر الناس وتعاونهم، فإقدامهم عليه يقتضي شدة المحاربة والمغالبة. ولأنهم يسلبون الرجل في داره جميع ماله، وأما المسافر فإنه لا يكون معه غالباً إلا بعض ماله.

وهذا القول هو الصواب لقوة حجته. (٣)

ب - أن يكون مع المحاربين سلاح - وهذا الشرط للعلماء فيه قولان:

١ - أن يكون مع المحاربين سلاح، فإن لم يكن معهم سلاح فهم غير محاربين، لأنهم لا يمنعون من يقصدهم للدفاع عن نفسه.

- وهذا قول: أبي حنفية - وأحمد.

٢ - أن يكون مع المحاربين سلاح أو بدون سلاح، فهم محاربون في كلا الحالتين.

- وهذا قول: مالك - والشافعي. (٤)

وهذا هو القول الصحيح، فكل من قطع الطريق وأخاف المسلمين وروع الآمنين فهو من المحاربين سواء كان معه سلاح أو حجارة أو عصى أو ليس معه شيء، لعموم الآية، فهي لم تخص حملة السلاح دون غيرهم. (٥)

المسألة الرابعة: هل العقوبات المذكورة في الآية على الترتيب أم على التخيير؟

للعلماء في هذه المسألة قولان:-


(١) المغني لابن قدامة (١٢/ ٤٧٤).
(٢) تفسير الرازي (١١/ ٢١٥).
(٣) تفسير القاسمي (٣/ ١٠٥).
(٤) انظر: المغني لابن قدامة (١٢/ ٤٧٥) - وأحكام الكتاب المبين (٣/ ٨٧٩).
(٥) المحلى لابن حزم (١٠/ ٢٨٣).

<<  <   >  >>