للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الأول: أن هذه العقوبات على التخيير.

- وهذا قول: ابن عباس- وإبراهيم النخعي - والحسن - وعطاء - وسعيد بن المسيب - ومالك. (١)

- وكيفية التخيير هي: أن المحارب إذا قتل فلابد من قتله، وليس للإمام تخيير في قطعه ولا نفيه. وإنما التخيير في قتله أو صلبه.

وأما إن أخذ المال ولم يقتل فلا تخيير في نفيه، وإنما التخيير في قتله أو صلبه أو قطعه من خلاف.

وأما إذا أخاف السبيل فقط، فالإمام مخير في قتله أو صلبه أو قطعه أو نفيه. (٢)

- ومن أدلة هذا القول:

١ - قوله جل وعلا: {أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} [المائدة:٣٣] فقد جاءت العقوبات المذكورة في الآية معطوف بعضها على بعض بـ (أو) وقد وجدنا أن العطوف التي بـ (أو) في القرآن بمعنى (التخيير) في كل ما أوجب الله به فرضاً. وذلك كقوله جل وعلا في كفارة اليمين: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة:٨٩]


(١) انظر: أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٥٧٤) - وتفسير الطبري (٤/ ٥٥٥).
(٢) بداية المجتهد (٢/ ٤٥٥).

<<  <   >  >>