للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا القتل للمفسد على وجه الدفع لشره وإفساده وإن لم يقتل، مما اتفق أهل العلم على جوازه، وإنما الخلاف فيمن صار في يد الإمام قبل أن يتوب هل يجوز قتله وإن لم يقتل؟.

٣ - ما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: زناً بعد إحصان، ورجل قتل رجلاً فقتل به، ورجل خرج محارباً لله ولرسوله فيقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض " (١) فقد دل هذا الحديث على جواز قتل المحارب وإن لم يقتل.

وقد رد هذا الاستدلال: بأن هذا الحديث قد روي من وجه صحاح، ولم يذكر فيه قتل المحارب، حيث رواه عثمان (٢) وابن مسعود (٣) رضي الله عنهم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يذكروا فيه (قتل المحارب) - وإنما ذكروا مكانه (ورجل كفر بعد إسلامه) وهذا هو الصحيح لأن المرتد هو المستحق للقتل بالاتفاق. وإن صح ذكر المحارب فيه، فالمعنى فيه: إذا قتل، حتى يكون موافقاً للروايات الأخرى. (٤)

القول الثاني: أن هذه العقوبات على الترتيب.

- وهذا قول: ابن عباس - رضي الله عنه - والحسن - والسدي - والربيع بن أنس - وسعيد بن جبير - وأبي مجلز لاحق بن حميد - وأبي حنيفة - والشافعي - وأحمد. (٥)


(١) تقدم تخريجه (٤٢٥).
(٢) تقدم تخريجه (٤٢٦).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب: الديات - باب: قول الله تعالى: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} [المائدة:٤٥]
(ح ٦٤٨٤ - ٦/ ٢٥٢١) والترمذي في سننه - كتاب: الديات - باب: ما جاء لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث- (ح ١٤٠٦ - ٦/ ١٧٥)
وقال: حديث ابن مسعود حديث حسن صحيح. أهـ.
(٤) أحكام القرآن للجصاص - (٢/ ٥٧٥).
(٥) انظر: أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٥٧٤) - وتفسير الطبري (٤/ ٥٥٢).

<<  <   >  >>